للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محببا لأهل مصر قاطبة، ففرح كل أحد من الناس بولايته، وظهر الخبز في ذلك اليوم على الدكاكين وقد تفاءل الناس بكعبه بالرخاء، وسكن ذلك الاضطراب الذي كان فيه الناس قليلا.

وفي هذه الأيام توقف النيل عن الزيادة أياما فقلق الناس لذلك.

وفي يوم الاثنين سلخ الشهر ثارت طائفة من الأصباهية على الأمير جانم الحمزاوي وهو نازل من القلعة، وعينوا له الضرب، وقالوا له: قل لملك الأمراء قد متنا من الجوع نحن وخيلنا من قلة الموجود، فلا نلتقي في الأسواق خبزا ولا شعيرا فإما يأذن لنا بالسفر أو يكفينا من القوت، فما خلص منهم الأمير جانم الحمزاوي إلا بعد جهد كبير، وذكروا أن لهم ثلاثة أشهر جامكية مكسورة في الديوان.

*****

وفي شهر رجب، وكان مستهله يوم الثلاثاء، طلع القضاة الأربعة وهنأوا ملك الأمراء الشهر وعادوا إلى دورهم، وقد قلق الناس من أمر الأصباهية. ثم أن النيل استمر في التوقف لم يزد شيئا، فأمر ملك الأمراء بإبطال المحرمات من النبيذ والحشيش والبوزرة، ومنع بنات الخطأ من عمل الفواحش.

ثم أن الوالي قبض على امرأة يقال لها: أنس وكانت ساكنة في الأزبكية تجمع عندها بنات الخطأ اللاتي يعملن الفاحشة، وكان عليها مبلغ مقرر تورده كل شهر للوالي، وكان أمرها مشهورا، فرسم ملك الأمراء بتغريقها هي وامرأة أخرى يقال لها: بدرية، زوجة أحد من الناس يقال له: البغيضي، كانت ماشية على طريقة أنس هذه في جمعها البنات الخطأ، فلما قبض الوالي على أنس توجه بها إلى قصر ابن العيني الذي في المنشية، وغرقها هناك بعد العصر، فاجتمع الجم الكثير من الناس بسبب الفرجة عليها، وكان يوما مشهودا، فغرقت على النداء والإجهار، وأراح الله تعالى المسلمين وطهرت الأرض منها.

وفي يوم الجمعة رابع الشهر صلى ملك الأمراء صلاة الجمعة بالقلعة، ثم نزل منها وتوجه إلى المقياس وقرأ هناك ختمة ومد مدة حافلة للفقراء، واستمر النيل سبعة أيام لم يزد فيها شيئا وأشيع أنه نقص أربعة أصابع، فقلق الناس لذلك ووقع الغلاء في سائر البضائع والأصناف.

وفي يوم السبت خامس رجب زاد الله في النيل المبارك أصبعا واحدا بعد أن وفي النقص، ففرح الناس بذلك وسكن الاضطراب الذي كان بمصر قليلا، وفي ذلك يقول الناصري محمد بن قانصوه:

<<  <  ج: ص:  >  >>