للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الجمعة ثالث عشريه قدمت الأخبار من ثغر دمياط، بأنه قد وصل إلى الثغر قاصد من البحر أرسله الخنكار بن عثمان يطلب سنان باشا وفائق بك، فلما سمعا ذلك تنكدا لهذا الخبر، وقالا لملك الأمراء خاير بك: هذا كله شغلك أنت، تكاتب فينا الخنكار في الدس وترافع فينا عنده.

فلما وردت الأخبار بمجيء القاصد من دمياط، رسم ملك الأمراء خاير بك للقاضي بركات بن موسى بالتوجه إلى ملاقاته، فخرج إلى قليوب ورمى على البلاد من الشرقية والغربية أبقارا وأغناما وأوزا ودجاجا، فجمع في هذه الحركة فوق ألف رأس من الغنم، غير البقر والأوز والدجاج، فمد القاضي بركات بن موسى للقاصد في قليوب مدة حافلة، فأشيع أنه صنع له في تلك المدة أربعمائة رأس غنم، ومثلها أوز، ومثلها دجاج، وخمسمائة مجمع حلوى وقل: ألف مجمع.

ثم مد له في أبي الغيث مدة ثانية مثل الأولى، فلما وصل القاصد إلى هناك فإذا هم أميران أحدهما يسمى إسكندر باشا، والآخر يسمى فرحات بك، وصحبتهما من الغلمان نحو مائة إنسان، فلما انتهى أمر المدة أحضرا القاضي بركات بن موسى بين أيديهما، وقالا له: الخنكار يسلم عليك، ويقول لك بيض الله وجهك، حيث رجعت بالحجاج سالمين بخلاف ما جرى على الحاج الشامي، فقام وقبل الأرض عدة مرات، وكشف رأسه، فلما وصل القصاد إلى شبرا خرج الأمير قايتياي الدوادار إلى ملاقاتهم، وجماعة من الأمراء الجراكسة، فسلموا عليهم ورجعوا إلى دورهم.

وفي يوم الثلاثاء سابع عشريه دخل القصاد إلى القاهرة وقت صلاة الصبح، فطلعوا على الجزيرة الوسطى، وأتوا من باب الخرق، وأتوا إلى تحت الربع، وتوجهوا على القربيين، فأنزلوهم في بيت الأتابكي قرقماس بن ولي الدين الذي عند حوض العظام، فأنزلوا به إسكندر باش، وأنزلوا فرحات بك في بيت الأمير كسباي المحتسب الذي عند مدرسة سودون بن زادة، فمد لهما القاضي بركات بن موسى هناك مدة ثالثة لكل واحد منهما على انفراده، واستمروا هناك يوم الثلاثاء سابع عشريه.

وطلع القضاة الأربعة إلى القلعة، واجتمعوا بملك الأمراء، وقرأوا مطالعة الخنكار، فكان من مضمون تلك المطالعة، طلب سنان باشا وفائق بك وخير الدين نائب القلعة، وأرسل يقول لملك الأمراء خاير بك بأن يتوصى بالجراكسة، وأن يصرف لهم جوامكهم على العادة، ولحومهم وعليقهم، وأن ينظر في أحوال المعاملة، ويزيل عنها الغش من الذهب والفضلة، وأن يحفظ الثغور.

<<  <  ج: ص:  >  >>