وفي يوم الاثنين ثاني عشره خلع ملك الأمراء على مملوكه برسباي، واستقر به أمير ركب الحاج الشريف، فنزل من القلعة في موكب حافل.
وفي يوم الخميس خامش عشره، حضر قاصد من عند نائب حماة وصحبته تقدمة حافلة إلى ملك الأمراء، وأشيع أن الأمير حان بردي الغزالي نائب الشام قد قبض على أربعة من مشايخ عربان جبل نابلس، منهم قراجا بن طراباي، فلما قبض عليهم حز رؤوسهم وأرسلها إلى الخنكار بأدرنة، فلما فعل ذلك اضطربت أحوال جبل نابلس، وصارت العربان ينهبون الضياع التي حول جبل نابلس، ويقتلون أهلها، وتزايد الغلاء بالشام من قلة الجالب إليها.
وفي يوم الثلاثاء عشريه قدمت الأخبار من الغربية بأن أينال السيفي طراباي - كاشف الغربية - قد احتال على حسن بن مرعي وأخيه شكر شيخي عربان الغربية، وهما اللذان كانا سببا لمسك السلطان طومان باي - وقد تقدم ذكر ذلك - فعزم أينال على حسن ابن مرعي وأخيه شكر في مكان بالقرب من سنهور، فأتيا إليه وأمناه وظنا أن ذنبهما قد نسي مما قد فعلاه، فكان كما يقال في المعنى:
قالت ترقب عيون الحي أن لها … عينا عليك إذا ما نمت لم تنم
فلما أقاما عنده ذلك اليوم مد لهما مدة حافلة، ثم بعد ذلك أحضر لهما سفرة الشراب، فلما شربا ودخلا في السكر، هجم عليهما جماعة من المماليك الجراكسية ممن كانوا عند أينال، فعاجلوا حسنا وشكرا بالحسام قبل الكلام، فقطعوا رؤوسهما، واشتقوا منهما، حتى قيل: إن بعض المماليك الجراكسة شرب من دمهما، وبعضهم جزل لحومهما بالسيف، والمجازاة من جنس العمل، وكما تدين تدان.
وفي يوم الأربعاء حادي عشريه حضر إلى القاهرة رأس حسن بن مرعي ورأس شكر، فرسم ملك الأمراء للوالي أن يعلقوهما على باب النصر، وقيل: إن رأس حسن بن مرعي لما دخلوا بها وبرأس شكر، علقوهما في رقبة فرس السلطان طومان باي الذي كان راكبا عليها لما قبضوا عليه في تروجه، فصودف أن هذا الفرس كان تحت حسن بن مرعي لما أتى إلى أينال، فعد ذلك من النوادر الغريبة، وقيل: إن عيال السلطان طومان باي لما علقت رأس حسن وشكر على باب النصر، أظهروا في ذلك اليوم الفرح والسرور، وأطلقوا الزغاريت، وتخلقوا بالزعفران. وأشيع أن أخا حسن بن مرعي كان مختفيا بالقاهرة لما قتل أخواه، فغمز عليه، فقبضوا عليه من بيت بعض أصحابه.