وفي يوم الاثنين ثامن عشريه نزل ملك الأمراء إلى الميدان، وأحضر سنان باشا أغات الأصباهية وقد صار بينه وبينهم وحشة بسبب جوامكهم، فكان يأخذ من ملك الأمراء المال ولا يصرف لهم شيئا، فلما وقع الحساب وجد في جهته لهم أحدا وثمانين ألف دينار، فاعترف أنها في جهته وسيوصلها إلى الخنكار، فحصل بينه وبين الأصباهية في ذلك اليوم تشاجر بسبب ذلك، فقالت الأصباهية لا تعطوا سنان باشا من جوامكنا شيئا من الآن، واصرفوا لنا مثل جوامك المماليك في كل شهر على البساط.
ثم في يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء سلخ الشهر عرض ملك الأمراء الأصباهية، فمثل ما وجد عند سنان باشا وجد في جهة فائق بك من المال، وقال مثل قوله، فكثر بينهما القيل والقال بسبب ذلك، وقد دبت عقارب الفتن بين الأصباهية وبين سنان باشا وفائق بك، وأوعدوا سنان باشا بالقتل غير ما مرة.
*****
وفي شهر ربيع الأول - وكان مستهل الشهر يوم الخميس - طلع القضاة الأربعة إلى القلعة وهنأوا ملك الأمراء بالشهر ثم عادوا إلى دورهم.
وفي يوم الاثنين خامس الشهر، نزل ملك الأمراء إلى الميدان وعرض الأصباهية وعلم من فقد منهم ومن بقي، ثم ظهر له ما كان يأخذه سنان باشا وفائق بك من جوامك الأصباهية وليس لهم وجود، فظهر زيفه في هذه الحركة.
وفي يوم الخميس ثامن الشهر قبض ملك الأمراء على طيلان رأس نوبة، وضربه بين يديه بالمقارع في الحوش ضربا مبرحا، وكان سبب ذلك أن أخت السلطان طومان باي رافعته، وذكرت أن السلطان طومان باين أودع عنده ثمانية آلاف دينار، فأنكر طيلان، وحلف أنه ما أودع عنده شيئا من ذلك، فلما تزايد الأمر من أفواه الناس بسبب هذه الوديعة، وصار طيلان ينكر ذلك، حنق منه ملك الأمراء وأمر بضربه بالمقارع، وهو لم يقر بشيء. فنزل من القلعة وهو في الترسيم حتى يحقق ذلك.
وفي يوم الأحد حادي عشره مع ليلة الاثنين، كان المولد الشريف النبوي، فجلس ملك الأمراء في المقعد الذي في الحوش السلطاني، واجتمع عنده بعض المباشرين، وخير الدين نائب القلعة، وبعض أمراء عثمانية، واجتمع عنده من القراء والوعاظ ثلاث عشرة جوفة، ثم في أواخر النهار مد سماطا لا يسمن ولا يغني من جوع، وأين هذا مما كان يعمل في مولد من تقدم من السلاطين، ثم أنه خلع على الوعاظ قفطانات واستردها بقدر هين.