في قنطرة الحاجب، وشيء في رأس الحسينية، وشيء في باب النصر. وقد وسطوا منهم جماعة، وشنقوا منهم جماعة، وشيء خوزقوهم.
وفي يوم الجمعة سابع عشر شوال أنزلوا من القلعة جماعة من المباشرين ممن كانوا في الترسيم. وقد تقدم القول أنهم يتوجهون بهم إلى إسطنبول، فأنزلوهم من القلعة بعد صلاة الصبح: منهم من هو راكب على بغلة، ومنهم من هو راكب على حمار. فشقوا بهم من الصليبة وتوجهوا بهم إلى بولاق، وحولهم جماعة من الانكشارية مشاة بالسيوف في أوساطهم. والصوباشي الذي هو متسفر عليهم راكب قدامهم. فكثر عليهم الأسف والحزن والبكاء من الناس … فكانت عدلهم سبع أنفس، وهم: القاضي علاء الدين ابن الإمام ناظر الخاص، والشرفي يونس النابلسي الأستادار، والقاضي بركات أخو شرف الدين الصغير كاتب المماليك، والقاضي فخر الدين بن عصوص، والقاضي أبو البقاء ناظر الخاص والأسطبل، والشرفي يونس نقيب الجيش، والأمير يوسف البدري وزير الديار المصرية، وأصله من مماليك الأمير يشبك بن مهدي الدوادار، كان قدمه للأشرف قايتباي، ولا زال يترقي حتى رأى من العز والعظمة غاية العلاء، وجرت عليه بعد ذلك شدائد ومحن، وآخر الأمر نفي إلى إسطنبول.
فلما وصل هؤلاء إلى بولاق نزلوا بقصر ناظر الخاص الذي هناك حتى تنتهي أشغالهم، فحصل لنساء القاضي أبي البقاء والقاضي أبي البركات كاتب الرجع على أزواجهن غاية الحزن، فقمن لنعيهم ودققن عليهم بالطارات، وكذلك زوجة يوسف البدري وبقية المباشرين. وكانت هذه الحادثة من أشنع الحوادث التي لم يقع قط مثلها فيما مضى من الزمان. فاستمروا بقصر ناظر الخاص ببولاق إلى يوم الاثنين عشري شوال، فنزلوا وتوجهوا إلى ثغر الإسكندرية.
وكان هؤلاء المباشرون لما صفا لهم الوقت طاشوا وصاروا كأنهم هم الملوك بمصر، يتصرفون في أمور المملكة بما يختارونه ليس على يدهم يعد واستغرقوا في اللذات، وعكفوا على شرب الخمور، وسماع الزمور، ولم يتفكروا في عواقب الأمور، فاستمروا على ذلك حتى طرقتهم الأحبار الردية، وأحاطت بهم كل رزية، فكانوا كما قيل في المعنى:
من يرتشف صفو الزما … ن بغص يوما بالكدر
ثم في عقيب ذلك سافر إلى إسطنبول الناصري محمد بن الورد لاعب الشطرنج، ورفيقه الشهابي أحمد الإسكندراني. وقيل: إن الخنكار سليم شاه أرسل يطلبهما إلى