وانقطع الرجاء من عمارتها ثانيا. والأصل في ذلك أنها أسست على غير تقوى، وكانت بقعة فسق وزنا، فآل أمرها إلى الخراب سريعا.
وفي يوم الاثنين ثالث عشري هذا الشهر - وافق ذلك اليوم يوم النوروز - والنيل في ست عشرة ذراعا، ولم يدخل في الذراع السابعة عشره وكان من مبتداه إلى منتهاه نيلا شحيحا.
وفي يوم الثلاثاء رابع عشريه توفي سودون نائب دمياط، وهو أحد الأمراء العشراوات، مات بطالا.
*****
وفي شهر رمضان، وكان مستهله يوم الاثنين طلع القضاة الأربعة وهنئوا ملك الأمراء بالصوم، ثم عادوا إلى دورهم. لما دخل شهر رمضان كانت الأسعار مشحطة في سائر البضائع، وقد تناهى سعر القمح إلى أشرفيين كل أردب، والبطة الدقيق إلى أربعة عشر نصفا، والسكر تناهى سعره إلى أربعة وعشرين أشرفيا كل قنطار، والقطر النبات بخمسة أنصاف كل رطل، والقطر المكرر بأربعة أنصاف كل رطل، والعسل النحل بثلاث أنصاف كل رطل، والعسل الأسود بنصفين كل رطل، والسمن بثلاثة أنصاف كل رطل، والجبن المقلي بثلاثة أنصاف كل رطل، والجبن الحالوم بنصفين كل رطل، والجبن الأزرار الذي في مائه بنصف فضة كل رطل. وتشحط اللحم الضاني واللحم البقري حتى صار لا يوجد إلا قليلا. فابتيع اللحم الضأني بثمانية عشر كل رطل، والبقري بثمانية كل رطل، وابتيعت الحلوى المشبك من القادري بخمسة أنصاف كل رطل، والمنقوش بستة كل رطل، وعمت هذه التشحيطة سائر البضائع وسائر الحبوبات حتى الخضر. وسبب ذلك أن الزيني بركات بن موسى كان مشغولا بعمل برق الحجاز، وأقد أهمل أمور الحسبة، ولم يلتفت إليها، فجارت السوقة على الناس وهم في أمر مريب بسبب هذه التشحيطة التي وقعت في تلك الأيام، وكادت الناس أن يأكل بعضها بعضا.
وفي يوم السبت ثالث عشره جلس ملك الأمراء في المقعد الذي بالحوش، فتكاثرت عليه المماليك الجراكسة في المقعد فحنق منهم، فقال للانكشارية الذين حوله: اضربوهم واطردوهم من المقعد. فلما سمعوا منه ذلك ضربوا المماليك الجراكسة بالعصي على وجوههم ضربا فاحشا، فجاءت ضربة على أكتاف جاني بك دوادار الأمير قايتباي الدوادار فانزعج كتفه. فحصل للماليك الجراكسة في ذلك اليوم كسر خاطر، ونزلوا من القلعة على أقبح وجه.