للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حضر شيخ العرب شكر أخو حسن بن مرعي شيخ جهات البحيرة صحبة القاضي فخر الدين بن عوض، وقد تقدم القول بأن ملك الأمراء كان أرسل له منديل الأمان على يد ابن عوض، فأطاع وحضر إلى القلعة وقابل ملك الأمراء فخلع عليه قفطان حرير ونزل من القلعة وتوجه ليحضر أخاه حسن بن مرعي، فتوجه إلى نحو قليوب وصحبته القاضي بركات المحتسب ليحضر حسن بن مرعي، وأرسل له ملك الأمراء منديل الأمان على يد القاضي بركات المحتسب.

ثم في أثناء ذلك اليوم حضر حسن بن مرعي ودخل القاهرة وعلى رأسه منديل الأمان، وصحبته جماعة من العثمانية، وأمير آخور أخو ملك الأمراء، والزيني، بركات المحتسب، وفخر الدين بن عوض، وجماعة كثيرة من العربان، فشق من القاهرة ومنديل الأمان على رأسه. فلما طلع إلى ملك الأمراء بالقلعة وقابله خلع عليه قفطانا مخملا مذهبا، ونزل من القلعة في موكب حافل.

وكان أشيع أن ملك الأمراء سيقبض عليه، فإنه وقع في ذنب عظيم. وسبب ذلك أنه كان مسجونا بالقلعة من حين قبض عليه الخنكار وسجنه بها، فتسحب من هناك ليلا وهرب، واستمر في عصيان وهجاج مدة طويلة، وكثر القيل والقال بسببه، والتف عليه جماعة كثيرة من عربان الغربية، فلما طلع وقابل ملك الأمراء وخلع عليه بطلت تلك الإشاعات التي كانت تشاع بين الناس بسبب عصيانه.

وفي يوم الاثنين خامس عشري شهر رجب، كانت وفاة صاحبنا الشيخ بدر الدين محمد بن محد الزيتوني العوفي رحمة الله عليه، وكان أحد نواب السادة الشافعية، وكان فاضلا عارفا بصنعة القضاة والتوقيع، ماهرا في الخطب، وكان فكه المحاضرة كثير العشرة للناس، وكان علامة في فن الزجل، وكان ينظم الشعر على فنون، وهي الشعر، والدوبيت، والمواليا، والموشحات. وكان له شعر جيد، ونظم أرجوزة مفيدة في الفقه وشرحها شرحا على الأوضاع مفيدا في معناه. ومن شعره الرقيق قوله ملغزا في اسم خمرة:

يا سائلي عن اسم من … خدوده كالعندم

في خده وثغره … وفي فؤادي المغرم

وكان مولده سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة، وذلك في شهر شعبان في سادسه، فكانت مدة حياته أربعا وتسعين سنة إلا يوما، فلما مات حضر القضاة الأربعة وصلوا عليه، وكانت له جنازة حافلة، ودفن بحوش تربة الصوفية، رحمه الله تعالى.

ولما توفي الشيخ بدر الدين الزيتوني رثاه ولده القاضي بدر الدين محمد بهذه القطعة الزجل اللطيفة وهي قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>