يحق لي أن أرثي لموت والدي … كأن أفصح النظام وعفلو رجيح
في درج الأكفان للقيام اندرج … واجب على فقدو بعزمي أصيح
كان والدي في فن الأزجال تقصدوا … حفاظ مصر والكل بيه يعتنون
وفي جميع العلوم ما لو نظير … فقيه مدرس في جميع الفنون
يدري الأصول والنحو معرب خطيب … ومنطقي في الصرف عاقل مصون
جا الموت خدو وأصبحت بين الورى … فريد وجميع الناس بحزني تنيح
ويندبوا همي عليه بالفراق … وما جرى من جفن عيني القريح
قوموا بنا جمع الموالي والصحاب … نرثي الذي قد كان وكان في الدهور
زين الوجود ما لو وجود في الورى … عارف بفن الشعر والكل زور
أصحابنا زيدوا النواح والنحيب … على أديب يدري أصول البحور
مثلو ما حد يحسن زجل في الأنام … ولا موشح لو ودوبيت صحيح
والفرق ظاهر مثل صبح الدجى … ما بين قاضي الكل والزمر ريح
كان في الأدب ناظم وناثر فصيح … وقد حوى جملة محاسن ملاح
إن قلت في التحرير حريري النظام … بل سيدوا لما تعد الفصاح
أو عنتر العبسي نهار المجال … أو نشر حاتم طي عند السماح
وما لشماخ رقتوا في البديع … وقس ما ينقاس بنطقو الفصيح
وسائر الحفاظ تراهم لديه … ما يقتدوا إلا بقولو الصحيح
يا من روى الأخبار كان والدي … مختص بالآداب وكان لي مفيد
مفتاح لباب الرزق للضيق فرج … وجهو سرور كعبو مبارك سعيد
مختار لفعل الخير بشير الفرح … مرشد ومحسن كل ما فيه مليح
يا قونيسا الخط وبجوهراتي … فرقو صباح ظاهر ووجهو صبيح
كان آخر النظام وبحر العلوم … وروض تربة زاهر بديع الصفات
ونقلدان مع راح وريحان وروح … جمع ضريحو ذي المعاني الشتات
كيف لا أحرك للضريح ساكني … وأبكي عليه طوال الحيا للممات
ومشتكى حزني وروضي الترب … والنقل والراح الذي لي يريح
والروح والريحان ما قد عدم … من الوجود موجود بذاك الضريح
بعدو على الدوام قد ألفت النواح … والحزن عن يعقوب ورثت النحيب
أصبحت من ما نوح سفيني غريق … والدمع طوفان ما طفا لي لهيب