العسكر كتب منهم جماعة ما بين جراكسة وأولاد ناس ومغاربة وغير ذلك. وكان مجموع ما كتبه من العسكر في ذلك اليوم نحو مائتين وخمسين إنسانا، وأنفق في ذلك اليوم على طائفة المغاربة على حكم ما كان ينفق عليهم السلطان الغوري. فنزلوا من القلعة، وشرعوا في أسباب عمل برقهم إلى السفر، وأما بقية العسكر فلم ينفق عليهم شيئا، وقد صبر حتى يرد عليه من مكة خبر آخر في أمر الفرنج يعتمد عليه.
*****
وفي شهر رجب وكان مستهله يوم الجمعة طلع القضاة الأربعة وهنؤوا ملك الأمراء بالشهر وعادوا إلى دورهم.
وفي يوم الاثنين رابعه حضر جان بك دوادار الأمير قايتباي، والأمير بخشباي قرا الذي كان شاد الشون، والقاضي عبد الفتاح وأخرون من المباشرين. وكان هؤلاء توجهوا نحو الشرقية بسبب أنهم مسحوا جهات الشرقية، وميزوا الشراقي من الري، ومسحوا الأقاطيع والرزق، وعملوا بالباع والذراع في الشرقية، وجاروا على المقطعين في المساحة. ثم انتقلوا من الرزق والأقاطيع إلى جهات الأوقاف فمسحوها، وصاروا ينزلون إلى البلاد ويفردون عليها المال، ويضعون الفلاحين في الحديد بعد الضرب المؤلم، ويقررون على كل بلد ما يختارونه من الأموال. فجبوا من الشرقية في هذه الحركة غالب بلاد الشرقية، ورحل منها الفلاحون. وكان هذا أكبر أسباب الفساد في حق الناس، فعمت هذه الحادثة أصحاب الرزق والأوقاف من الرجال والنساء حتى الأرامل والأيتام والمستحقين، وقد تعطلت الأوقاف بسبب ذلك. وكان هذا كله بواسطة ملك الأمراء خاير بك فإنه كان سببا لذلك، فعد هذا من جملة مساوية في حق أهل مصر، وحصل في هذه الحركة غاية النفع للمباشرين الذين تكلموا في أمر هذه المساحة بالشرقية. والأمر لله وحده.
وفي يوم الاثنين حادي عشره أشهر ملك الأمراء خاير بك المناداة في القاهرة بأن المماليك الجراكسة لا يلبسون زنوطا، ولا يمشون بقباقيب في الأسواق، ولا يجلسون على المساطب في الحارات، ولا على أبواب الجوامع، وكان ملك الأمراء سامح لهم أولا في ذلك، ثم ضيق عليهم ومنعهم من هذه الأفعال فيما بعد.
وفي يوم السبت سادس عشره رسم ملك الأمراء بشنق شخص عجمي فشنق، وكان هذا الشخص تاجرا في سعة من المال، فلما حضر من بلاد الشرق ومعه متجر بمال له صورة طمع ملك الأمراء في ماله وزعم أنه جاسوس من عند شاه إسماعيل الصفوي حضر ليكشف عن مصر وأحوالها، ويطالع الصفوي بذلك، فشنقه ظلما، واحتاط على جميع أمواله، وجعل له ذنبا أنه جاء من عند الصفوي جاسوسا وفي يوم الأربعالاء عشريه