بكلامه. ثم إن ذلك الرجل قال لملك الأمراء:"ارجع عن مظالم العباد أنت والمباشرون، خربتم مصر بظلمكم" ثم سب المباشرين بحضرة خاير بك سبا قبيحا، وقال لبركات بن موسى أنت لو حججت في هذه السنة ما يقبلك النبي ﷺ. فلما تزايد في القول حنق منه ملك الأمراء، فأمر بضرب عنقه فضرب عنقه في الميدان. وقيل إن ذلك الرجل تكلم بكلام كثير، وأظهر أنه كشف له عن أمور تأتي في أواخر هذه السنة من الأهوال، فإن كان صادقا فيما قاله وادعاه من هذه الأخبار التي ذكرها فسوف تقع، ويظهره أثره أو صلاحه أو كذبه.
وفيه أشهر ملك الأمراء النداء في القاهرة بأن لا أحد من الحجاج يسافر في البحر المالح، ولا يرسل له أحمال من البحر، وموجب ذلك فساد العربان في الطرقات، وعبث الفرنج في سواحل البحر المالح.
وفي يوم الخميس ثاني عشرية خرج مصلح الدين خازندار بن عثمان وتوجه إلى نحو الريدانية، وقصد السفر إلى الخنكار بن عثمان فخرج وقت صلاة الصبح وصحبته الأمير قايتباي الدوادار، وأعيان المباشرين، والأمراء العثمانية، فكان له موكب حافل.
ثم خرج بعده تقدمة حافلة أرسلها ملك الأمراء إلى الخنكار هو وولده سليمان بك الذي باسطنبول. فكان ما اشتملت عليه تلك التقدمة من الخيول أربعين فرسا خاصات عليها عبى فعلى، يصحبها أربعون فرسا من الأكاديش، واثنان وأربعون جملا محملة قماشا محزومة، قيل صمها تفاصيل سكندرية وأبدان منزلاوية، وقماش فاركسوري، وغير ذلك من شاشات وأرز، وغير ذلك من مقاطع خمسيني، وخام رفيع وغير ذلك … ومن جملتها أربعة وستون جملا محملة سكرا ضمن صناديق جريد بأغشية لباد أبيض، قيل جملة ذلك أربعمائة قنطار، وقيل أن ملك الأمراء كرر السكر ثانيا وجعل فيه المسك والعنبر الخام.
ومن جملة التقدمة جمال محملة عصفرا وحناء وغير ذلك، ومن جملة التقدمة أحمال شقادف ضمنها مرطبانات أشربة مربى.
وأشيع أن ملك الأمراء أرسل إلى الخنكار بن عثمان جمالا عليها مال من خراج مصر عن سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ولم يعلم ما قدر ذلك. فلما مضت تقدمة ملك الأمراء طلع في عقيب ذلك تقدمة صاحب اليمن، وهي تقدمة حافلة تشتمل على شاشات وأرز وتحف ومعادن ولؤلؤ وفصوص وطواشية وغير ذلك. فلما مضت تقدمة صاحب اليمن، طلعت تقدمة الأمير علي بن عمر صاحب جهات الصعيد، وهي تقدمة حافلة منها مائتا قنطار سكر، ورقيق ما بين عبيد وجواري وحيل وجمال، وغير ذلك أشياء حافلة تصلح للملوك.