وفي جمادي الآخرة كان مستهل الشهر يوم الخميس، فطلع قضاة القضاة إلى القلعة وهنؤوا ملك الأمراء بالشهر ثم عادوا إلى دورهم.
وفي يوم الخميس ثامنه رسم ملك الأمراء بقراءة سبع ختمات: واحدة في مقام الإمام الشافعي، وواحدة في مقام الإمام الليث، وواحدة في مقام الشيخ عمر بن الفارض، وواحدة في مقام الشيخ أبي الحسن الدينوري، وواحدة في مقام الشيخ أبي الخير الكليباتي ﵃ أجمعين، وواحدة في المقياس، وواحدة في الجامع الأزهر. ورسم بأن يهدوا ثواب ذلك للسلطان سليم شاه بن عثمان، فإنه خرج إلى ملاقاة إسماعيل شاه الصفوي.
فلما قدم رسول صاحب اليمن، وعلى يده تقدمة حافلة للسلطان سليم شاه بن عثمان، استمر القاصد مقيما بالقاهرة إلى أن سافر صحبة مصلح الدين، كما سيأتي الكلام على ذلك.
وفي يوم الأحد حادي عشر هذا الشهر طلع ابن أبي الرداد ببشارة النيل وأخذ قاع النيل فجاءت القاعدة ست أذرع وعشر أصابع أنقص من السنة الخالية بذراعين وست أصابع، فإنه كانت القاعدة في السنة الخالية ثماني أذرع وست عشرة أصبعا.
وفي يوم السبت سابع عشره طرقت ملك الأمراء أخبار رديئة، بأن عربان السوالم قد طفشت حتى وصلت إلى بركة الحاج، ووصل أوائلهم إلى المطرية، فلما بلغ الأمراء ذلك تنكد، وأرسل إلى الأمير قايتباي الدوادار يقول له:"اخرج في هذه الساعة، واطرد العربان".
فخرج من يومه هو والمماليك الجراكسة وجماعة من العثمانية، ورماة من الانكشارية، فرجت له القاهرة في ذلك اليوم، فخرجوا وهم سائقون إلى بركة الحاج. فقيل حصل بين الترك والعربان عركة يسيرة، فقتل فيها جماعة من العربان، وأسروا منهم جماعة، وقطعوا رؤوس أربعة، ثم رجع الأتراك بعد المغرب وقد وقعت خيولهم وبعض منها تفرقع من العطش، وما رأوا خيرا … فهربت العربان من وجوههم وصعدوا إلى الجبل.
ثم رسم ملك الأمراء بشنق من أسر منهم على باب قنطرة الحاجب، وعلقوا عليه تلك الرؤوس التي قطعوها من العربان، وقيل: قتلوا من الأتراك جماعة ورجعوا من غير طائل من العربان.
وفي يوم الأربعاء حادي عشرية وقعت حادثة شنيعة، وهي أن شخصا يقال له حسين وكان طشتدار عند الأمير نوروز أحد الأمراء المقدمين، ثم بقي في طشتخانات السلطان الغوري، وهو رجل شيخ مسن زعم أنه رأى النبي ﷺ في المنام، وقال له امض إلى سليم شاه بن عثمان وقل له يرجع إلى بلاده ويكف القتال عن المسلمين بسبب إسماعيل شاه الصفوي، وادعى أن ابن عثمان دفع إليه مالا له صورة فلم يقبله منه.
ثم إن ذلك الرجل ذهب لى ملك الأمراء خاير بك وقص عليه تلك الرؤية فتهاون خاير بك