وفيه خرج مصلح الدين خازندار بن عثمان، الذي قدم من مكة، فتوجه إلى الريدانية، وقصد السفر إلى الخنكار بن عثمان، وقد أشيع أن ابن عثمان كان قد أرسل خلفه، فما أقام بالريدانية نزل إليه ملك الأمراء وودعه، ثم رجع ودخل من باب النصر وشق من القاهرة في موكب حافل، وارتفعت له الأصوات من الناس بالدعاء، واستمر على ذلك حتى طلع إلى القلعة، ثم إن مصلح الدين أقام بالريدانية أياما ثم عاد إى القاهرة، فأشيع أن سبب ذلك أن قاصد صاحب اليمن قد وصل إلى الطور، وصحبته تقدمه حافلة إلى السلطان سليم شاه بن عثمان، فلما بلغ ذلك ملك الأمراء أرسل استرد مصلح الدين إلى القاهرة حتى يدخل إلى القاهرة قاصد صاحب اليمن، ويأخذه صحبته مع التقدمة ويمضي إلى الخنكار، فهذا كان سبب رجوع مصلح الدين إلى القاهرة.
وفيه رسم ملك الأمراء للقضاة بأن يتوجهوا إلى مقام الإمام الشافعي ﵁ ويقرؤوا هناك، ويدعو الله تعالى بالنصر للسلطان سليم شاه على إسماعيل الصفوي فتوجه قضاة القضاة إلى مقام الإمام الشافعي ﵁، وقرؤوا هناك ختمة، وفرقوا أجزاء الربعة على الحاضرين، فقرؤوا أجزاء الربعة عشر مرار، وأهدوا ثواب ذلك للنبي ﷺ، ثم إلى السلطان سليم شاه ودعوا له بالنصر على الصفوي.
وفي يوم السبت سادس عشريه حضر الأمير قايتباي الدوادار، والأمير جانم الحمزاوي والأمير علي بك العثماني، وكانوا توجهوا إلى الميمون بسبب محاربة الانكشارية الذين هربوا، كما تقدم. فلما انتصروا عليهم وقتلوهم رجعوا وطلعوا إلى القلعة، فخلع عليهم ملك الأمراء ونزلوا إلى منازلهم.
وفيه حضر إلى القاهرة الأمير أرزمك الناشف أحد الأمراء المقدمين، وكان لما ظهر أرسل الخنكار طلبه وهو بحلب، فتوجه إليه هو والأمير قانصوه العادلي، والأمير تمرباي العادلي، وأقام عنده مدة، ثم رسم له بالعدوة إلى القاهرة، وكان أشيع بين الناس أن ابن عثمان قرره في الأتابكية بمصر، فلما حضر لم يظهر لهذه الإشاعة نتيجة، واستمر بطالا مقيما بمنزله. ولما حضر حضر بصحبته الأمير شاد بك نائب المهمندار، والأمير جانم الطويل أحد الأمراء العشراوات، وكان أشيع موتهما بمرج دابق، فلما ظهر أنهما في قيد الحياة حضر إلى مصر.
وفي آخر هذا الشهر كثرت الإشاعات بأن عربان السوالم قد حضر منهم ما لا يحصى، وقد فصدوا حرب ابن بقر، وأظهروا غاية الفساد بالشرقية.