وفيه وقعت حادثة شنيعة … وهي أن شخصا من العوام كان أصله مؤذنا، فدخل في بعض الغيطان وقطع عيدان خيار شنبر ووضعها في قفة، فقبض عليه الخولي وحصل بينهما تشاجر، فأغلظ عليه الخولي وأتى به إلى بيت الوالي وقص عليه أمره، فطلع به الوالي إلى ملك الأمراء وعرضه عليه وهو حامل القفة التي فيها الخيار الشنبر، فلما علم لمك الأمراء بذلك، وكان ملك الأمراء حرج على بيع خيار الشنبر، وصار يشتريه على ذمته ويتجر فيه. ثم إن ملك الأمراء رسم للوالي بشنق ذلك الرجل الذي سرق خيار الشنبر، فأشهره في القاهرة، وعلق القفة التي فيها الخيار الشنبر في رقبته، وشق به من القاهرة حتى أتى به إلى القنطرة التي بزقاق الكحل فشنقه هناك، وأقام ثلاثة أيام وهو مصلوب لم يدفن، وراح الرجل ظلما على بعض عيدان خيار شنبر ما تساوى أربعة أنصاف، فتأسف الناس عليه كيف راح ظلما على شيء ما يستحق هذا كله. وكان له أولاد وزوجة.
وكان ملك الأمراء يبيت يسكر طول الليل، ويصبح في خبال السكر يحكم بين الناس بما يقول له عقله، ولم يظهر العدل في محاكماته قط منذ ولي على مصر.
وفي يوم الثلاثاء خامس عشره، في تلك الليلة خسف القمر، وأقام في الخسوف ثمانيا وأربعين درجة.
وفيه أنفق ملك الأمراء الجامكية على الأمراء الطبلخانات، وعلى الأمراء العشروات، وعلى المماليك الجراكسة، فأعطى الأمراء الطبلخانات كل واحد أربعين دينارا، وأعطى الأمراء العشراوات كل واحد منهم خمسة وعشرين دينارا، كما أنفق عليهم في الشهر الماضي، وأنفق على المماليك كل واحد منهم ألفي درهم على العادة. وأنفق على أولاد الناس ممن نزل اسمه في الديوان، فأنفق على العسكر جامكية شهرين كانت منكسرة لهم في الديوان من غير لحوم ولا عليق.
وفي يوم السبت تاسع عشره توفيت والدة الشهابي أحمد بن الجيعان، وكانت له جنازة حافلة.
وفي يوم الأحد عشريه وقعت حادثة مهولة، وهي أن ملك الأمراء خاير بك كان عين جماعة من الانكشارية والأصباهية أن يسافروا إلى الخنكار بحلب صحبة مصلح الدين، فلما قصد مصلح الدين السفر هربت الانكشارية والأصباهية في تلك الليلة، وكسروا أبواب القلعة ونزلوا منها على حمية، وتوجهوا إلى مصر العتيقة، فنزلوا في المراكب الكبار، ثم أخذوا جماعة من النواتية وسافروا في المراكب، وقصدوا أن يتوجهوا إلى جهة الصعيد.