وفي يوم الأربعاء تاسع عشريه، دخل إلى القاهرة الأمير قانصوه العادلي كاشف جهات الشرقية، وكان أشيع عنه العصيان من حين عين للسفر، فأتى لتبطل عنه الإشاعات، فلما طلع يوم الخميس إلى القلعة خلع عليه ملك الأمراء خاير بك قفطانا مخملا مذهبا، ونزل يعمل برقة.
وقد مضى هذا الشهر وعسكر ابن عثمان في خلف بينهم بسبب السفر إلى الشام، واستمرت الانكشارية في أمر العصيان عن السفر، وصاروا يكسبون عليهم بيوتهم وحاراتهم، ويقبضون على نسائهم اللاتي تزوجن بهن من مصر، وحصل لهن الضرر الشامل بسبب ذلك.
*****
وفي صفر الخير، وكان مستهله يوم الجمعة، طلع القضاة الأربعة إلى القلعة، فهنؤوا ملك الأمراء خاير بك بالشهر ورجعوا إلى دورهم.
وفي هذا اليوم خرج جماعة من الانكشارية والأصباهية من الطائعين منهم دون العاصين الذين هربوا كما تقدم، فخرجوا صحبة القصاد الذين جائوا لطلبهم من الشام حسبما رسم الخنكار سليم شاه بن عثمان. قيل إنه أرسل بطلب ألف إنسان من الأصباهية، ومن الانكشارية أربعمائة إنسان.
وفي يوم الاثنين رابع صفر، خرج بقية العسكر العثماني الذي تعين للسفر، وخرج الأمراء المعينون للسفر، وهم: الأمير أرزمك الناشف أحد المقدمين، والأمير قانصوه العادلي كاشف الشرقية، والأمير تمرباي العادلي، والأمير خشقدم الأشرفي الذي كان شاد الشون أيام السلطان الغوري، ولم يشعر بخروجهم أحد من الناس، ولم يطلبوا طلبا على جاري العادة، فلما خرجوا توجهوا إلى الريدانية ونزلوا بها إلى أن يرحلوا منها.
وفي هذه الأيام تزايد القال والقيل بين الناس بوقوع فتنة كبيرة.
وفي يوم الثلاثاء خامس صفر خلع ملك الأمراء خاير بك على شيخ العرب الأمير أحمد بن بقر وقرره في مشيخة جهات الشرقية عوضا عن ابنه عبد الدائم، وقد أظهر عبد الدائم العصيان ونهب منية غمر وأحرقها وغيرها من بلاد الشرقية ووقع الاضطراب بها، وطفشت العربان في البلاد بالفساد والنهب، وحصل منهم الضرر الشامل. وصار عبد الدائم رأس كل فتنة في كل دولة، وقد تقدم القول على ذلك.