القدر لعمل برق السفر. ثم ركب وتوجه إلى بيت الأمير قايتباي الدوادار وشكا له من أمر هذه النفقة، فقال له: اصبر حتى أطلع إلى ملك الأمراء خاير بك في ذلك اليوم".
ثم في يوم الأربعاء خامس عشره، أشيع بين الناس أن جماعة من الانكشارية والأصباهية لما تحققوا أن الخنكار أرسل يطلبهم أظهروا العصيان، وخرج بعضهم إلى نحو الشرقية والغربية وتفرقوا في البلاد.
ومن الحوادث الغريبة أنه في يوم الجمعة سابع عشر المحرم من هذه السنة، أشيع واستفاض بين الناس أنه قبض على قاسم بك بن أحمد بك بن أبي يزيد بن محمد بن عثمان ملك الروم. قاسم بك هذا هو الذي كان قانصوه الغوري اجتهد كل الاجتهاد حتى أدخله إلى مصر، وصار ضدا لسليم شاه ابن عثمان. وكان سليم شاه يخشى من أمر قاسم بك هذا أن يلتف عليه عسكر الروم من عساكر جده ويولوه مملكة الروم، وسافر قاسم بك هذا صحبة الأشرف قانصوه الغوري إلى حلب، وصنع له برقا وسنيحا حافلا، وجعل له صنجقا من حرير أخضر وأحمر كما هي عادة ملوك الروم، وحضر الواقعة التي كانت في مرج دابق. فلما فقد السلطان الغوري وجرى ما جرى، رجع قاسم بك صحبة الأمراء إلى مصر وصار معظما عند السلطان طومان باي، وحضر معه في الواقعة التي كانت بالمطرية، فلما انكسر السلطان طومان باي هرب معه إلى جهة الصعيد، فلما وقع السلطان طومان باي هو وابن عثمان في الجيزة بالقرب من وردان انكسر طومان باي وهرب.
فلما قبضوا عليه وشنق اختفى قاسم بك ولم يعلم له خبر مدة طويلة، وقد فاته القتل مرارا عديدة، وكان السلطان حاسب حسابه جدا ليلا ونهارا، وكان عسكر ابن عثمان قصدهم المخامرة عليه والتوجه إلى قاسم بك. وقد أشيع بين الناس أنه لما هرب بعد كسرة طومان باي، توجه مع بعض العربان إلى نحو الجبل الأخضر الذي بأعلى البحيرة، وكان قد نسي أمره.
فلما كان يوم الجمعة المقدم ذكره أشاعوا أنهم قد قبضوا عليه في مكان عند العطوف بالقرب من البرقية، وقد غمز عليه بعض غلمانه في ذلك المكان، فتوجه إليه كمشبغا والي القاهرة وشخص آخر يقال له جانم الحمزاوي شاد الشون من خدمة ملك الأمراء خاير بك، وهو دوادار الآن، فتوجها إليه وقبضا عليه من ذلك المكان المذكور. فلما قبضوا عليه عروه من أثوابه وقلعوه عمامته وألبسوه برنسا أسود وغطوا وجهه. وسبب ذلك أنهم خشوا أن العثمانية متى بلغهم أنهم قبضوا عليه وهو طالع إلى القلعة يخلصونه ويقتلون من معه، وتثور بين العثمانيين فتنة عظيمة، وتكون سببا لزوال ملك سليم شاه بن عثمان. فلما طلعوا به إلى القلعة بعد العصر قريب المغرب من يوم الجمعة، عرضوه على ملك