ثم كان مستهل شوال يوم السبت، فطلع القضاة الأربعة وجماعة من أعيان المباشرين، فخرج ملك الأمراء خاير بك وصلى صلاة العيد بجامع القلعة.
ثم أنه مد مدّة حافلة لجماعة من العثمانية، فنزلوا على ذلك السماط مثل الصقورة، فلم يبقوا منه غير العظام، ولم يفضل لغلمان القلعة شيء. وكان خاير بك يظن أن الأمراء الجراكسة الذين ظهروا والخاصكية يطلعون ويحضرون المدّة، فلم يطلع له أحد من هؤلاء، وخافوا أن تكون مكيدة أو حيلة. وكأن هذا اليوم لم يكن عيدا، بل كان في غاية الخمود في كل شيء.
وفي هذا العيد لم يخلع خاير بك على أحد من قضاة القضاة، ولا على أحد من المباشرين قاطبة كما كانت العادة القديمة.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشرة، نزل ملك الأمراء خاير بك من القلعة، وتوجه إلى نحو البريم على سبيل التنزه، ونصب له هناك خياما، وأراد أن يبيت على شاطئ البحر، وأحضر جماعة ممن يقلون السمك، وقصد أن ينشرح في ذلك اليوم هناك، فصنع له السيد نقيب الأشراف مدة حافلة وأحضرها هناك، فخرج عليها جماعة من العثمانية في أثناء الطريق، فخطفوا ذلك الأكل من فرق رؤوس الحمالين. فلما بلغ خاير بك ذلك تنكد من العثمانية بسبب هذه الفعلة، ولم يكن له عند العثمانية حرمة ولا وقار، ولا مراعاة له في سائر الأحوال.
وفي ذلك اليوم فتح البريم بحضرة خاير بك، وأحضر جماعة من الصيادين في مراكب ومعهم أسماك كثيرة، فصار القلايون يقلون من هذه الأسماء ويطعم العسكر الدين بصحبته، وانشرح في ذلك اليوم إلى الغاية، وأقام هناك إلى ما بعد العصر ثم نزل في مركب وشق من جهة الروضة، وطلع من بر مصر العتيقة إلى القلعة.
وفي ذلك اليوم أشيع أن السلطان سليم شاه بن عثمان أرسل مطالعة إلى خاير بك على يد ساع، فكان من مضمونها أنه وصل إلى الشام ودخل إليها، وزينت له لما دخلها. ومن مضمون تلك المطالعة أن ابن عثمان أرسل يطلب من خاير بك أربعين ألف أددب شعير وقمح يرسلها له في مراكب من البحر المالح إلى الشام، فألزم خاير بك المباشرين بذلك، فأخذوا في تجهيز ذلك وأرساله من البحر كما برز الأمر.
وفي أثناء هذا الشهر وردت الأخبار من عند الجماعة الذين خرجوا من مصر وتوجهوا إلى إسطنبول، بأن مركبا من المراكب التي توجهوا بها قد غرقت في البحر المالح، وغرق للناس فيها جملة مال، وغرق فيها أربعمائة إنسان، وفيهم جماعة من