للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنصف فضة كما كان في الأول. فأغلقت السوقة دكاكينهم، ورفعوا البضائع، ووقع في القاهرة بعض اضطراب وأشيع أن خاير بك نائب السلطنة صنع من الخوازيق الحديد عدة، وأنه بعد العيد يخوزق جماعة من السوقة على باب القاهرة، فلما أشيع ذلك خافت السوقة وفتحت الدكاكين، ومشوا صرف النصف بستة عشر جديدا، كما كان في الأول.

وفي يوم الثلاثاء عشري شهر رمضان، نزل ملك الأمراء خاير بك من القلعة، وتوجه إلى تربة العادل ليودع مصلح الدين والشهابي أحمد بن الجيعان، فودعهما ورجع ودخل من باب النصر، وشق من القاهرة في موكب حافل، وقدامه نحو ألفين من العثمانية، وجماعة مشاة يرمون بالنفظ، فرجت له القاهرة في ذلك اليوم، وارتفعت له الأصوات بالدعاء من الناس قاطبة، وهذا أول مواكبة بالقاهرة من حين تولى نيابة السلطنة.

ثم في يوم الخميس ثاني عشرية، نزل ملك الأمراء من القلعة ثانيا، وتوجه إلى باب الشعرية، وزار الشيخ عبد القادر الدشطوطي، وجلس عنده ساعة. فقيل إن الشيخ عبد القادر قال له: استوص بالرعية فإنك تسأل عن ذلك يوم القيامة. فبكى خاير بك، وقبل يده وخرج من عنده، وعاد إلى القلعة من يومه.

وفي يوم السبت رابع عشري شهر رمضان، ظهر الأمير أرزمك الناشف أحد الأمراء المقدمين. فلما طلع إلى القلعة وقابل ملك الأمراء خاير بك ومنديل الأمان على رأسه، قام له خاير بك واعتنقه وأجلسه بين يديه. وكان لما طلع القلعة لابسا زي العرب، وعليه زنط وشاش وملوطة بأكمام كبار، فألبسه خاير بك قفطانا مخملا بتماسيح، وألبسه عمامة عثمانية. وكان لما قابله معه ستة أنفار ما بني أمراء عشراوات وخاصكية، فخلع عليهم قفاطين مخملة ونزلوا من القلعة إلى أماكن أعدت لهم.

وفي يوم الأربعاء ثامن عشري شهر رمضان، ختم صحيح البخاري بالقلعة، وحضر ملك الأمراء خاير بك والقضاة الأربعة وجماعة من أعيان العلماء والفقهاء وأعيان المباشرين.

فيما انفض المجلس خلع خاير بك على القضاة قفاطين من جوخ أزرق بوجه صوف، وفرق على الفقهاء والعلماء صررا فيها دراهم، وكان ختما حافلا. وشتان بين هذا الختم وما كان يعمل في ختم السلاطين الماضية في مثل هذا اليوم.

ولما سافر سليم شاه بن عثمان، وخرج من مصر، استمرت الخطبة والسكة عمالة في مصر باسمه، فكان سائر الخطباء يدعون في يوم الجمعة باسمه، ويقولون: "وانصر اللهم السلطان الملك المظفر سليم شاه". وكذلك اسمه على الدنانير والدراهم والفلوس الجدد.

*****

<<  <  ج: ص:  >  >>