للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رمضان، ويأتي لهم بالنساء الأجنبيات، فغمز عليهن، وأمر خاير بك بإشهار هن على تلك الحالة.

وفي يوم السبت عاشرة ظهر الأمير قانصوه العادلي الذي كان كاشف الشرقية، وقد أرسل إليه ملك الأمراء خاير بك منديل الأمان، وصحبته جماعة من المماليك الجراكسة.

فلما طلع إلى القلعة، وقابل خاير بك، خلع عليه قفطانا مخملا، ونزل فسكن في بيت الأمير قانصوه جركس الذي في حارة السقائين. وأشيع ظهور جماعة من الأمراء العشراوات.

وفيه قابل شيخ العرب أحمد بن بقر، وخلع عليه وعلى ولده بيبرس، وقد التزما بإصلاح جهات الشرقية ولم يتم ذلك، واستمرت أحوال الشرقية في غاية الفساد من عبد الدائم بن بقر وإخوته.

وفي يوم الاثنين ثاني عشر رمضان - وكان أول بابه من الشهور القبطية - ثبت النيل المبارك على أربع عشرة أصبعا من تسع عشرة ذراعا، واستمر في ثبات إلى آخر أيام بابه، وشرق غالب بلاد الصعيد، وأكثر البلاد العالية التي لا تروي إلا من عشرين ذراعا، وكان نيلا شحيحا من أوله إلى آخره.

وفيه ظهر أبو البقاء ناظر الأسطبل، وكان مختفيا، فلما ظهر ألبسه خاير بك قفطانا مخملا، وأقره على عادته متحدثا على جهات الإسطبل الخاص.

وفي يوم الاثنين المقدم ذكره، عرض ملك الأمراء خاير بك كسوة الكعبة الشريفة والبرقع، وكسوة مقام إبراهيم الخليل ، وكسوة ضريح النبي ، وعدة ستور من قبل ابن عثمان، وقد تناهوا في زركشة البرقع، ونسيج كسوة الكعبة إلى الغاية، بخلاف العادة. فشقوا بها من القاهرة وقدامهم الأعيان من المباشرين والجم الكثير من العساكر العثمانية، ومن الرماة جماعة كثيرة يرمون بالنفوط، وكان ذلك اليوم مشهودا.

فلما طلعوا إلى القلعة عرضوا على خاير بك نائب السلطنة، ثم رجعوا ثانيا من حيث جاءوا.

وفي يوم الأربعاء رابع عشر رمضان، نادى ملك الأمراء خاير بك، بأن المماليك الجراكسة الدين ظهورا بمصر يركبون الخيول ويتشرون السلاح، وكان قبل ذلك نادى في القهرة لتجار القبو بأنهم لا يبيعون على المماليك الجراكسة شيئا من آلة السلاح، فشق ذلك على العثمانية، ووقفوا لخاير بك في الحوش، وكلموه وأرادوا معه فتح باب الشر، وقالوا له: "نحن ما يكفينا هذا القدر الذيب رتبته لنا، وهو ثلاثة أنصاف في كل يوم، وكل شيء في السوق غال". ثم قالوا له: "رتب لنا جوامك في كل شهر أفين، ولحما وعليقا، وفرق علينا إقطاعات مثل ما كانت المماليك الجراكسة". وأغلظوا عليه في القول، فقال لهم:

<<  <  ج: ص:  >  >>