عظمته، واجتمعت الكلمة فيه، وصار عزيز مصر في هذه الفترة، فتوجه الناس إلى بابه لقضاء حوائجهم، وصار هو حاكم البلد، وقد قلت فيه:
يا نجل موسى عدت بالبركات في … أعلى المراتب حيث كنت وأزيدا
قد كان قطعا زال عنك ولم تزل … في السعد عمالا على رغم العدا
وخلع على الشهابي أحمد بن الجيعان، وقرره نائب كاتب السر على عادته، ورسم له بأن يتوجه إلى مكة من البحر المالح وكسوة الكعبة بصحبته.
وخلع على القاضي شرف الدين الصغير وقرره متحدثا في ديوان الوزارة. وخلع على الشرقي يونس النابلسي وقرره استادار العالية وصاحب الديوان المفرد. وخلع على فخر الدين وأخيه شمس الدين كاتب المماليك، وقررهما في التحدث على جهات الذخيرة. وخلع على عبد العظيم الصيرفي وقرره في استادارية الشعير وغير رذلك من الوظائف
فنزلوا من القلعة وهم بالقفاطين المخمل عوضا عن الخلع، فخلع على هؤلاء الجماعة في يوم واحد، وهذا أول تصرف خاير بك في أحوال المملكة.
وفيه أشيع أنه قد عقد لخاير بك على خوند مصرباي زوجة الظاهر قانصوه.
وفيه ظهر الزيني أبو بكر ابن الملكي وكان له مدة وهو مختف، فلما ظهر خلع عليه خاير بك قفطانا محملا، وقرره في استيفاء الجيش على عادته.
وفي يوم الثلاثاء، ثامن عشري شعبان، حضر الأمير قايتباي الذي كان نائب الكرك، وكان قد أرسله خاير بك إلى ابن عثمان بمطالعة من عنده لأجل أن جماعة من عسكره الإنكشارية ثاروا على خاير بك، وقالوا له:"رتب لنا جامكية كما كانت تأخذ المماليك الجراكسة، واجعل لنا لحما وعليقا مثل الجراكسة" فقال لهم: "حتى أرسل أستأذن أستاذكم بذلك". .. فأرسل الأمير قايتباي نائب الكرك إلى ابن عثمان سبب ذلك. فلما حضر ما علم أحد بماذا أجاب ابن عثمان عن تلك المطالعة التي أرسلها بسبب جماعة الإنكشارية كما تقدم. فلما حضر قايتباي أشيع أن ابن عثمان لما دخل إلى الخطارة قطع رأس يونس باشا، ولا يعلم ما سبب ذلك. وكان يونس باشا أعظم وزرائه، وكان لطيف الذات وعنده رقة حاشية بخلاف طبع الأتراك. وكان قرره أولا في أن يكون نائبا عنه بمصر، ثم رجع عن ذلك وقرر خاير بك في النيابة. وكان يونس باشا مقربا عن ابن عثمان إلى الغاية بخلاف بقية الوزراء، ويقال أن يونس باشا هو الذي كان سببا لولاية سليم شاه عل مملكة الروم