قبل خروج السلطان، فلما تحقق عسكره أمر خروجه إلى السفر لأسطنبول شرعوا في عمل برقهم، ومشترى أزوادهم، فارتجت لهم القاهرة بسبب ذلك.
وفي يوم السبت رابع شعبان، وقعت حادثة مهولة … وهي أن السلطان سليم شاه قبض على جماعة من عسكره نحو أربعة وعشرين إنسانا، وقيل أكثر من ذلك فلما قبض عليهم رسم بشنق جماعة منهم في أماكن مختلفة، وكلب منهم اثنين على باب زويلة، واثنين على باب الصاغة، واثنين بين القصرين، والبقية عند جامع قوصون، وشيء في الصليبة، وشيء في قناطر السباع. وأشيع أن سبب ذلك أن جماعة من الإنكشارية قصدوا أن يقتلوا ابن عثمان لما كان بالمقياس، فاستدرك أمره، وتحول إلى بيت السلطان قيتباي الذي خلف حمام الفارقاني، وصار يقبض على من كان سببا لإشاعة قتله.
وفيه حضر الريس سلمان العثماني الذي كان قد توجه صحبة المراكب التي كان أرسلها السلطان الغوري إلى الهند.
وفيه أشيع أن الريس سلمان هو الذي أغرق حسين نائب جدة، وكان بينهما عداوة من أيام الغوري، فلما مات الغوري وظفر سلمان بحسين قتله على ما قيل. ولما حضر الريس سلمان أحضر صحبته جماعة من الفرنج الذي كان أسرهم في بحر الهند ممن كان يعبث به، ويقطع الطريق على مراكب التجار الذين يمرون من هناك.
وأشيع أن الريس سلمان، وحسين نائب جدة، كانا فتحا عدة بلاد بالهند من بلاد الشيخ عامر، وغنموا منها أموالا جزيلة لا تحصى هم والعسكر الذين توجهوا صحبتهما في أيام الغوري، وهم من عسكر الطبقة الخامسة التي كان جددها الغوري في زمانه.
وفي يوم السبت حادي عشر شعبان كان يوم النوروز، وهو أول السنة القبطية. وفيه أشيع أن ابن عثمان أرسل إلى خاير بك الذي قرره في نيابة السلطنة صنجقا، وتحقق الناس أنه نائب السلطنة عوضا عن يونس باشا، وكان ابن عثمان قرره في نيابة السلطنة قبل ذلك.
وفيه عرض ابن عثمان عسكره بالميدان الذي تحت القلعة وهم لابسو الزرديات، وفي أيديهم الرماح والأتراس. وأشيع سفره أواخر الشهر إلى إسطنبول.
وفي يوم الثلاثاء رابع عشرة وقفت جماعة الوالي على أبواب المدينة، وصاروا يقبضون على كل من يلوح لهم من العوام وغيرهم، فإذا قبضوا عليهم يضعونهم في الحبال. وصاروا يقبضون على الناس من شطوط بولاق، ومن شطوط مصر العتيقة، وكذلك يقبضون على جمال السقائين بالروايا التي عليها، فاضطربت أحوال الناس، وغلقت الأسواق والدكاكين، واختفت الناس في البيوت، وكثر القيل والقال في ذلك فمن الناس من