وفي يوم الثلاثاء سابع عشرة أشيع أن بيبردي باش المجاورين وقراكز المحتسب والمماليك الذين حضروا صحبتهما من مكة يريد قتلهم ابن عثمان، فشفع فيهم ابن الشريف بركات من القتل، فرسم أن يتوجهوا إلى إسطنبول، فحرجوا في ذلك ونزلوا في المراكب، وتوجهوا إلى ثغر الإسكندرية ومن هناك توجهوا إلى إسطنبول.
وفي يوم الأربعاء ثامن عشرة، حضر الزيني بركات بن موسى المحتسب، وحضر فخر الدين بن عوض، وكانا في بعض جهات الغربية، بسبب استخراج الخراج وعمارة الجسور التي هناك.
وفي يوم الخميس تاسع عشرة، توفيت ابنة السلطان طومان باي، وكان لها من العمر نحو عشر سنين، وكان قد حصل لها طربة على أبيها لما قتل.
وفي يوم الأحد ثاني عشرية اضطربت أحوال القاهرة، وصارت الأدراك تقف على أبواب المدينة ويمسكون الناس من رئيس ووضيع، ويضعونهم في الحبال حتى من يلوح لهم من القضاة والشهود، وما يعلم ما يصنع بهم. فلما طلعوا بهم إلى القلعة أسفرت هذه الواقعة عن أنهم جمعوا الناس ليسحبوا المكاحل النحاس الكبار التي كانت بالقلعة، وينزلوها إلى شاطئ البحر، ثم يضعوها في المراكب، ويمضوا بها إلى إسطنبول.
وكان قبل ذلك بمدة نزلوا بالعمودين السماقي الذين قلعوهما من الأيوان الذي بالقلعة، فارتجت لهما الصليبة لما نزلوا بهما من القلعة. وقاسي الناس في سحبهما غابة المشقة، وحصل لهم بهدلة من الضرب والصك وخطف العمائم والشدود ثم في عقيب ذلك نزلوا بالمكاحل من القلعة وصاروا يربطون الرجال بالحبال في رقابهم، وبسوقونهم بالضرب الشديد على ظهورهم، ولو كانوا من أعبان الناس. فحصل للناس بسبب ذلك ما لا خير فيه.
وفي يوم الخميس سادس عشرية رسم السلطان سليم شاه بإحضار ألف رأس من الغنم، ومائة جمل ومائة بقرة، فلما حضرت بين يديه أمر أن تفرق قربانا على مجاوري الجوامع والمساجد والزوايا ومزارات الصالحين التي بالقرافة وغيرها من المزارات المشهورة، حتى على أبواب ترب السلاطين المتقدمين. ففرقوا ذلك جميعه وصاروا يذبحون الغنم والجمال على أبواب الجوامع والمساجد والزوايا ويفرقونها على المجاورين الذين بها وقيل: إن سبب ذلك أن لهم عادة في بلادهم إذا حلت الشمس في برج الأسد يفرقون هذا القربان على مجاوري الجوامع والمساجد والزوايا، ويفرقونها على المجاورين الذين في بلادهم قاطبة، ففعل مثل ذلك بمصر.