يعرضون مكاتيبهم على قاضي القضاة علاء الدين ويكتب عليها "عرض"، ثم يمضون بها إلى الدفتردار فيخرج مراسيمهم بالأفراج عن ذلك. فيقع عليهم كلفة للقاضي علاء الدين، وكلفة لمراسيم الدفتردار، وإن لم يفعلوا ذلك، ولم تخرج مراسيم الدفتردار بالإفراج عن جهات الأوقاف، يضع المباشرون والظلمة أيديهم على بلاد الأوقاف، ويستخريجون منها الخراج، ويروح ذلك على النظار. وهذا من جملة مساوي ابن عثمان فيما فعله في أهل مصر من الأنكاد والضرر الشامل لهم.
وفي يوم الجمعة ثالث عشر جمادى الآخرة، حضر الشرفي يونس النابلسي الاستادار، وكان قد توجه إلى بلاد الشرقية بسبب جمع الخراج من بلاد المقطعين والأتراك والأمراء الذين قتلوا في المعركة، فمسح بلاد الشرقية قاطبة وحصل منه غاية الضرر. وضيق على الناس في أرزاقهم من نساء ورجال، ووضع يده على خراجهم بغير حق، وما حصل لأحد منه خير. فكان كما يقال في المعنى:
مباشر في الورى لم تخف سيرته … بين الأنام وما يخشى من الريب
تنجو به رجله مما جنت يده … كأنه القط في خطف وفي هرب
وفي يوم الأحد خامس عشرة، حضر إلى الأبواب الشريف ابن السيد الشريف بركات أمير مكة، وكان سبب حضوره أنه أتى ليهنئ ابن عثمان بمملكة مصر، وأحضر صحبته تقادم فاخرة، وحضر صحبته بيبردي بن كسباي أحد أمراء العشراوات الذي كان باش المجاورين بمكة، وحضر قراكز الذي كان محتسبا بمكة. فلما حضر أشيع بين الناس أن حسين نائب جدة قد قتل على يد الرئيس سلمان العثماني، وقيل: أنه أغرقه في البحر. وكان حسين قد ظلم وجار على أهل مكة وجدة، وجدد مظالم في أيام السلطان الغوري، وكان من المفسدين في الأرض، فقتل كما تقدم، وكان غير محب لأهل جدة ومكة.
ومن الحوادث أن النيل المبارك توقف في أثناء الزيادة واستمر في التوقف سنة أيام، فقلق الناس لذلك، وزاد سعر القمح، وتشحطت سائر الغلال، واضطربت الأحوال جدا. ثم بعد ذلك زاد النيل المبارك أصبعا واحدة فسكن الحال قليلا.
وفي يوم الاثنين سادس عشرة، حضر جماعة من المباشرين الذين كانوا قد توجهوا إلى الغربية والمنوفية والمحلة … فحضر أبو البقاء ناظر الأسطبل، وبركات أخو شرف الدين الصغير، ويحيى بن الطنساوي وآخرون من المباشرين.