وفيه صاروا يقبضون على جماعة من مباشري الأمراء، ويقولون لهم حاسبونا على خراج الأمراء الذين قتلوا في المعركة.
*****
وفي ربيع الثاني وكان مستهله يوم الأربعاء، أشيع أنه قد حضر قاصد من شاه إسماعيل الصوفي وعلى يده مطالعة لابن عثمان، فلما قرأها تنكد وقصد أن يقبض عليه، فهرب ذلك القاصد من عند ابن عثمان، وكان بالمقياس، فلما هرب صاروا يكبسون بيوت مصر العتيقة، وبيوت الروضة، فلم يحصلوه لا في البر ولا في البحر، فحصل لأهل مصر العتيقة غاية الضرر من كبس البيوت بسبب هروب هذا القاصد. فمن الناس من يقول أنهم قبضوا عليه فيما بعد وقطعوا رأسه، ومنهم من يمقول إنهم لم يحصلوه واستمر هاربا.
ومن الحوادث أن شخصا من التجار الأروام كان له دين على الزيني عبد القادر الملكي وأخيه أبي بكر بن الملكي، نحو خمسة آلاف دينار، وقيل عشرة آلاف دينار، فكان كلما طالبهما سوفا به ومطلاه. وتماديا على ذلك مدة طويلة، فشكاهما إلى الدفتردار، فأرسل حلفهما، فلما حضرا اعترفا لذلك التاجر بالقدر المذكور، فأمرهما الدفتردار بأن يدفعا له ذلك، فقالا ما معنا شيء من المال، ولكن يصبر حتى يبعث الله لنا بشيء من المال، فندفع له حقه. فقال: لهما ما بقيت أصبر عليكما. فحنق منهما الدفتردار وأمر بسجن عبد القادر وأخيه أبي بكر، فسجنا في سجن الديلم، وأقاما به أياما حتى سعى لهما الشهابي أحمد ابن الجيعان وأطلقا من السجن، ثم استرضوا ذلك التاجر حتى أفرج عنهما.
وفي أوائل هذا الشهر حضر قاضي القضاة الشافعي كمال الذين الطويل، والمقاضي المالكي محيي الدين بن الدميري، والقاضي الحنبلي شهاب الدين الفتوحي، وكانوا توجهوا إلى نحو البهنسا بسبب الأمان الذي توجهوا به من عند ابن عثمان إلى السلطان طومان باي، ولم يفد توجه هؤلاء القضاة إليه شيئا.
ولما حضر هؤلاء القضاة أخبروا نصحة قتل قاضي القضاة حسام الدين محمود بن الشحنة الحنفي وأخيه أبي بكر وقد تقدم القول على سبب قتلهما ودفنا هناك.
وفي يوم الاثنين سادسة أشيع أن ابن عثمان عدى إلى المقياس، وكان في ذلك اليوم رياح عاصفة فكاد أن يغرق. فلما سلم من الغرق أقام بالمقياس ونقل وطاقه إلى الروضة ومصر العتيقة. ثم أن أمراءه طردوا السكان الذين بالروضة وبمصر العتيقة، وسكنوا في دورهم، فحصل للناس الضرر الشامل بسبب ذلك، فأعجبه المقياس فأقام به مدة أيام، وكان