للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم بعد أيام أشيع أنه دخل إلى حمام الاستدار التي ببولاق فأتى من الرملة ولم يشق بولاق. وكان أهل بولاق زينوا له السوق، ولما خرج من الحمام عاد من الطريق التي أتى منها، وقيل: إنه أنعم على الحمامي في ذلك اليوم بعشرين دينارا، وأعجبه حمام بولاق وشكره ثم عاد إلى الوطاق.

ثم أن جماعة من وزراء ابن عثمان وأهل مشورته جلسوا في المدرسة الغورية، وشرعوا يطلبون جماعة من القضاة والشهود والمباشرين، وأعياد تجار المغاربة، وتجار الوراقين، وتجار الشرب، والباسطية، وجماعة من البزدارية والرسل، وجماعة من السوق المتسببين في البضائع، وطائفة من البنائين والنجارين والمرخمين والمبلطين والحدادين وغير ذلك من أرباب الحرف، حتى طلبوا جماعة من أعيان اليهود، فلما تكامل عرضهم في المدرسة الغورية عينوا جماعة منهم أن يسافروا إلى إسطنبول، فكتبوا أسماءهم في قوائم، وألزموا كل واحد منهم بأن يحضر له ضامنا يضمنه. فلما أحضروا لهم الضمان أطلقوهم إلى حال سبيلهم. ويأتي الكلام بعد ذلك في أمورهم وما تم لهم في هذه الحركة.

وفي يوم الأحد سابع عشرية قبض الوالي على شخص من العثمانية قيل إنه خطف امرأة من السوق وزنى بها، فلما بلغ ابن عثمان ذلك أمر الوالي أن يقطع رأسه فقطع رأسه في الحال، وطاف بها في القاهرة وهي على رمح، فظهر من ابن عثمان في ذلك اليوم عدل عظيم لعل أن يعتبر بقية عسكره ويكفوا عن الأذى.

وفي أثناء ذلك الشهر وقع أن ابن عثمان شرع في فك الرخام الذي بالقعلة في قاعة البيسرية والدهيشة، وقاعة البحرة والقصر الكبير، وغير ذلك من أماكن بالقلعة، فك العواميد السماقية التي كانت في الإيوان الكبير، قيل: إنه قصد أن ينشئ له مدرسة في إسطنبول مثل مدرسة السلطان الغوري، فلم يتيسر له ذلك.

ثم صار يحيى بن بكار يركب ويأخذ معه جماعة من المرحمين. فيهجمون قاعات الناس، ويأخذون ما فيها من الرخام السماقي والزرزوري الملون. فأحربوا عدة قاعات من أوقاف المسلميبن وبيوت الأمراء قاطبة، حتى القاعات التي ببولاق، وقاعات الشهابي أحمد ناظر الجيش بن ناظر الخاص التي على بركة الرطلي، وغير ذلك من قاعات المباشرين والتجار وأبناء الناس، والمدارس التي فيها الكتب النفيسة، فنقلوها عندهم ووضعوا أيديهم عليها، ولم يعرفوا الحلال من الحرام.

وفيه نادوا في القاهرة بإبطال الفلوس العتق وصربوا للناس فلوسا جددا خفافا جدا، فحسر الناس الثلث، ووقف حال الناس بسبب ذلك … فصارت البضائع تباع بسعرين:

سعر بالفلوس العتق، وسعر بالفلوس الجدد.

<<  <  ج: ص:  >  >>