للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي اليوم الثالث أنزلوه وأحضروا له تابوتا، ووضعوه فيه، وتوجهوا به إلى مدرسة السلطان الغوري عمه، فغسلوه وكفنوه، وصلوا عليه ودفنوه في الحوش الذي خلف المدرسة، ومضت دولته كأنها لم تكن، وقد قلت من أبيات:

لهفي على سلطان مصر كيف قد … ولى وزال كأنه لن يذكرا

شنقوه ظلما فوق باب زويلة … ولقد أذاقوه الوبال الأكبرا

يا رب فاعف عن عظائم جرمه … واجعل جنان الخلد رب له قرى

وكان شنق السلطان طومان باي من غايات سعد السلطان سليم شاه بن عثمان ولم يسمع بمثل هذه الواقعة فيما تقدم من الزمان أن سلطان مصر شنق على باب زويلة قط، ولم يعهد مثل هذا، ومن عهد شاه سوار الذي كلبوه على باب زويلة، لم يعلق أحد ممن له شهرة طائلة غير السلطان طومان باي.

ثم أن ابن عثمان لما شنق طومان باي صفا له الوقت، وفعل بعد ذلك أمورا يأتي الكلام عليها.

ثم أخذ في أسباب التوجه إلى نحو بلاد القسطنطينية، فأشيع أنه يجعل يونس باشاه نائبا عنه بمصر. ثم جلع على شخص من جماعته وقرره نائب غزة. وخلع على شخص آخر وقرره نائب القدس. فخرجا من القاهرة في أواخر هذا الشهر، وقدامهما طبلان وزمران وجنائب. وخرجا في موكب حافل.

وفي يوم الأربعاء ثالث عشرية صنع بعض النفطية إلى السلطان نفطا، وتوجه به إلى وطاقه بأنبابة، فأحرقوه قدامه بالوطاق.

ومن الحوادث المهمة أنه قد أشيع أن السلطان سليم شاه، عول على جماعة من أهل مصر من أعيانهم يرسلهم إلى إسطنبول.

وفي يوم الجمعة خامس عشرية أتى السلطان سليم شاه من وطاقه الذي في أنبابه، وعدى لى بولاق وتوجه إلى القاهرة، وشق من باب الخرق، ودخل من باب زويلة، وتوجه من هناك إلى الجامع الأزهر، وزينت له القاهرة فصلى بالأزهر صلاة الجمعة، وتصدق هناك بمبلغ له صورة، ثم توجه إلى بولاق من الطريق التي أتى منها، وكان في موكب حافل.

<<  <  ج: ص:  >  >>