للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا ليت شعري دولة الأتراك هل … تأتي كما كانت ونذكر ما نسى؟!

ومن الحوادث أن السلطان سليم شاه لما قتل هؤلاء الأمراء أرسل فقبض على نسائهم ورسم عليهن، وأرسلهن إلى بيت ناظر الخاص وأشيع أنه بقصد مصادرتهن، وقرر عليهن ما لا يوردنه فأقمن في بيت ناظر الحاص أياما، ولم يوردن من المال شيئا، فنقلوهن إلى بيت الدفتر دار فقصد أن يعاقبهن، وقيل سجن منهن جماعة من الحجرة حتى يوردن ما فرر عليهن من المال. ورسم على مباشري الأمراء الدين قتلوا حتى يقيموا حساب اقطاعاتهم فأقاموا في الترسيم مدة.

وفي يوم الأحد سادس ربيع الأول عدى السلطان سليم إلى بر الجيرة بسبب قتال الأشرف طومان باي، وقد بلغه أنه وصل إلى المنوات، ومعه من العربان والعسكر ومن المماليك الجراكسة الجم الكثير.

فلما عدى إلى بر الجيزة أقام بها إلى يوم الخميس عاشر شهر ربيع الأول، فتلاقى عسكر ابن عثمان وعسكر السلطان طومان باي على وردان، وقيل على المنوات، فكان بين الفريقين واقعة لم يسمع بمثلها، أعظم من الواقعة التي كانت بالريدانية. وقيل: كانت هذه الواقعة عند كوم الحمام وانكسر عسكر ابن عثمان فوق ما مرة، وطردتهم الأتراك الجراكسة حتى ألقوا أنفسهم في البحر، وكانت الكسرة عليهم أولا، وقتل منهم جماعة كثيرة.

ثم بعد ذلك تكاثرت العثمانية على الأتراك، وطرشتهم الرماة بالبندق الرصاص، فهزموهم هزيمة منكرة، ووقعت الكسرة على الأتراك، وولى السلطان طومان باي مهزوما فتوجه إلى قرية تسمى البوطة في أعلى تروجه، وهذه خامس كسرة وقعت على عسكر مصر. وكان السلطان طومان باي ليس له سعد في حركاته، كلما رام أن ينتصر على ابن عثمان ينعكس، كما يقال في المعنى:

إذا لم يكن عود من الله للفتى … فأول ما يجني عليه اجتهاده

فلما انتصر ابن عثمان على عسكر مصر، قطع رؤوس المماليك الجراكسة، وقطع رؤوس جماعة كثيرة من العربان الذين كانوا مع السلطان طومان باي فلما تكامل قطع الرؤوس رسم ابن عثمان باحضار مراكب، فلما حضرت وضعوا فيها رؤوس الذين قتلوا، فلما عدوا إلى بولاق صنعوا مداري خشب، وعلقوا عليها تلك الرؤوس، وحملتها النواتيه على أكتافهم، ولاقتهم الطبول والزمور ونادوا في القاهرة بالزينة فزينت زينة حافلة،

<<  <  ج: ص:  >  >>