للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم السبت حادي عشري صفر نزل السلطان سليم شاه من القلعة ومعه الجم الكثير من العساكر ببركة الحبش، وتوجه المباشرون صحبته، حتى القاضي كاتب السر، وأخذ السقائين بجمالهم، فضج الناس من العطش لأن السلطان ابن عثمان طلب جميع السقائين بجمالهم ورواياهم ليسافروا معه إلى الصعيد بسبب السلطان طومان باي، وإن كان يهرب منه إلى بلاد الزنج ويتبعه، فوصل ثمن الرواية الماء أربعة أنصاف.

وفي يوم السبت ثامن عشري صفر أشيع أن أوائل عسكر السلطان طومان باي قد وصل إلى ترسه بالقرب من الجيزة، فرسم ابن عثمان بعمل وحسات على شاطئ البحر بجهة طرأ لأجل تعدية العسكر، وكذلك في بر مصر العتيقة. وفي هذه الأيام امتنع جلب البضائع التي كانت تدخل إلى القاهرة من الجبن والسمن والأغنام وغير ذلك من البضائع التي كانت تجلب من الجيزة ونواحيها، وقليوب وشبري وغير ذلك من البلاد، واضطربت أحوال القاهرة جدا بسبب إقامة هذه الفتنة.

*****

وفي ربيع الأول، وكان مستهله يوم الثلاثاء، أشيع أن جان بردي الغزالي لما خرج من بلاد الشرقية، كبس على عدة بلاد منها حين وصل إلى التل والزنكلون، فنهب ما فيها من الأبقار والأغنام والأوز والدجاج، وأسر نساء الفلاحين وأولادهم الصبيان والبنات، وصاروا يبيعونهم في القاهرة بأبخس الأثمان، كما فعل أقبردي الدوادار في الأحامدة وأولادهم. فاشترى بعض الناس بنتا بأربع أشرفيات وأعتقها ووهبها إلى أمها، وقد رق عليها.

ثم إن جان بردي الغزالي فعل في الشرقية ما لم يفعله بختنصر لما دخل إلى مصر. ثم أن يونس باشا نادي في القاهرة أن كل من اشترى شيئا من نهب بلاد الشرقية من الأبقار والأغنام يرده على أصحابه، وكذلك أولاد الفلاحين. ولام الغزالي على فعله ذلك في الشرقية لوما عنيفا. وقد قيل في المعنى:

يا دهر بع رتب المعالي مسرعا … بيع الهوان ربحت أم لم تربح

قدم وأخر من أردت من الورى … مات الذي قد كنت منه تستحى

وفي يوم الأربعاء ثاني ربيع الأول رسم السلطان سليم شاه بأن الأمراء الذين كانوا بالقلعة في الترسيم يحضرون بين يديه في الوطاق الذي في بركة الحبش، فنزلوا بهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>