للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاد الجيعان بمعنى ذلك. ونزل إلى الشرقية، فما أبقى من أبواب المظالم شيئا حتى فعله بالشرقية. وقرر فخر الدين ابن عوض وبركات أخا شرف الدين الصغير متحدثين في جهات الغربية. وقرر الزيني بركات بن موسى متحدثا على جهات المحلة. وقرر شرف الدين الصغير وأبا البقا ناظر الإصطبل متحدثين في الجهات القبلية، فأظهر كل منهم أنواعا من المظالم في حق الناس بسبب الاقطاعات والرزق.

وأشيع أن السلطان سليم شاه أوقف أمر المناشير التي بيد أولاد الناس بسبب أقاطيعهم، فحصل لهم غاية الضرر بسبب ذلك.

وفي آخر هذا الشر تشحطت الغلال وارتفع الخبز من الأسواق، وسبب هذا الأمر أن العثمانية لما دخلوا القاهرة نهبوا المغل الذي في الشون، وأطعموه لخيولهم، حتى لم يبق في الشون شيء من الغلال. ونهبوا القمح الذي كان بالطواحين، واضطربت أحوال الناس قاطبة.

ثم إن الأخبار ترادفت بأن طومان باي ظهر أنه في الصعيد، عند أولاد عمر، ومنع المراكب من الدخول إلى مصر بالغلال. فبموجب ذلك وقعت التشحيطة بمصر.

وأما السلطان سليم فإنه لما طلع إلى القلعة احتجب عن الناس ولم يظهر لأحد، ولم يجلس على الدكة بالحوش السلطاني جلوسا عاما، ولم يفصل بين ظالم ومظلوم، بل كان يحدث منه ومن وزرائه كل يوم مظلمة جديدة من قتل وأسر وأخذ أموال بغير حق. وكان هذا على غير القياس. فإنه كان أشيع العدل الزائد عن أولاد ابن عثمان وهم في بلادهم، قبل أن يدخل سليم شاه إلى مصر، فلم يظهر لهذا الكلام نتيجة، ولا مشى سليم شاه على قواعد السلاطين السالفة، ولم يكن له نظام يعرف لا هو ولا وزراؤه ولا أمراؤه ولا عسكره … بل كانوا همجا لا يعرف الغلام من الأستاذ.

ولما أقام ابن عثمان بالقلعة، ربطت العسكر الخيول في الحوش إلى باب القلعة عند الأيوان الكبير وباب الجامع الذي بالقلعة، وصار روث الخيل هنك كأنه كيمان التراب على الأرض، حتى سد الطريق.

وخرب ابن عثمان غالب الأماكن التي بالقلعة وفك رخامها ونزل به في المراكب يتوجهون به إلى القسطنطينية.

ولما أقام سليم شاه بالقلعة نصب وطاق عسكره بالرميلة من باب القرافة إلى سوق الخيل، ثم أن العثمانية نصبوا خيمة في وسط الرميلة وجعلوا فيها دنان بوزه، وخيمة أخرى فيها جفان حشيش، وخمية أخرى فيها صبيان مرد لأجل المحارفة كعاداتهم في بلادهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>