للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجم الكثير من النجارين والحدادين الذين تعينوا للسفر مع التجريدة … فخرجوا من باب الميدان إلى الرميلة ونزلوا من جهة القبور، وشقوا من البسطيين، ودخلوا من باب زويلة، وشقوا من القاهرة فرجت بهم القاهرة في ذلك اليوم، واصطفت الناس على الدكاكين بسبب الفرجة، وكان يوما مشهودا. وارتفعت الأصوات له بالدعاء بالنصر على ابن عثمان الباغي، وتباكي الناس لما عاينوا تلك العجلات والمكاحل والهمة العالية التي من السلطان فيما صنعه. واستمروا شاقين من القاهرة حتى خرجوا من باب النصر وتوجهوا إلى الريدانية عند تربة العادل التي هناك.

وأشيع أن امرأة قتلت في ذلك اليوم من شدة الازدحام، فلما وصلت العجلات إلى تربة العادل صفوهم هناك إلى أن تخرج الأمراء، فكان ذلك اليوم من الأيام المشهودة في الفرجة.

وفي يوم الثلاثاء ثالث عشرة، أشيع أن بعض الناس شفع في المماليك الذين حضروا من غزة، ولم يصرف لهم السلطان الأضحية، فصرفها لهم في ذلك اليوم بعد ما وبخهم بالكلام، وقال لهم: كيف هربتم حتى كسرتم الأمراء ولم تقاتلوا وبقي وجهكم أسود بين الناس؟

وفي يوم الأربعاء رابع عشرة، حضر إلى الأبواب الشريقة الناصري محمد بن شمس الدين القوصوني رئيس الطب، وكان في حلب أسيرا عند ابن عثمان، فهرب من هناك مع العربان، وعزم لهم مالا له صورة حتى أتوا به إلى مصر فطلع وقابل السلطان في ذلك اليوم، وقد غير هيئته وحلق ذقنه وتزيا بزي العرب، حتى تخلص من جماعة ابن عثمان، وأخبر السلطان أته قد بلغه عن ابن عثمان أن عسكره مختلف عليه، وأنه مات له من الجمال والخيول ما لا يحصى عدده من الثلج الذي وقع بالشام، وأن الغلاء هناك، وأن عسكره قد قلق من البرد والثلج وموت الخيول.

وأشيع في ذلك اليوم أن عسكر ابن عثمان كان في غزة ورحل عنها، وقد صارت العربان تقتل منهم جماعة كثيرة ممن يجدونه في الضياع، فيقتلونهم ويهربون في الجبال.

وفي يوم الخميس خامس عشرة طلع العسكر لقبض الجامكية، فقال لهم الطواشية: "يا أغوات ما في هذا اليوم جامكية، البلاد خراب، والعرب مشتتة في الطرقات، والمدركون ومشايخ العربان ما أرسلوا من التقاسيط التي عليهم شيئا، فإن حصل شيء على يوم الاثنين ينفق لكم". . فنزل العسكر من القلعة وهم في غاية النكد، فإن لهم ستة أشهر لم يصرف لهم السلطان من اللحم المنكسر شيئا، وقد تعطلت الجوامك أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>