للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما رأوا عين الجد وأن ابن عثمان زاحف على البلاد، وقد وصل إلى قطيا، رضوا بخمسة وعشرين دينارا نفقة، ونزلوا من القلعة وأخذوا في أسباب آلة السفر.

وفيه ورد على السلطان أخبار ردية بأن سنان باشا أحد أمراء ابن عثمان الذي ملك مدينة غزة قد لعب في أهل غزة بالسيف، وقتل منهم نحو ألف إنسان ما بين نساء ورجال وصغار. وكان سبب ذلك أن الغزالي لما تلاقى مع سنان باشا على الشريعة، أشيع في غزة أن الغزالي قد انتصر على عسكر ابن عثمان، وقتل سنان باشا، وعسكر ابن عثمان.

فبادر على باي دوادار نائب غزة وأجناده فنهبوا وطاق العثمانية وأحرقوا خيامهم، وقتلوا من كان في الوطاق والمدينة من العثمانية نحو أربعمائة إنسان ما بين شيوخ وصبيان، ومن كان بها مريضا وأحرقوا الخيام التي كانت في وطاقهم.

فلما ظهر أن الكسرة على عسكر مصر، وقتل من قتل من الأمراء، رجع سنان باشا إلى غزة، فوجد من كان بها قد قتل ونهب الوطاق، فجمع أهل غزة قاطبة وقال لهم: "من فعل ذلك بنا! "، قالوا: "على باي دوادار نائب غزة وأجناد غزة، ولم نفعل نحن شيئا من ذلك". فأمر سنان باشا بكبس بيوت غزة فوجدوا بها قماش العثمانية وخيولهم وخيامهم.

فقال لهم سنان باشا: "نحن لما دخلنا غزة هل شوشنا على أحد منكم أو نهبنا لكم شيئا؟ " قالوا: لا، فقال لهم: "كيف فعلتم بعسكرنا ذلك؟ " فلم يأتوا بجواب ولا عذر ولا حجة

فعند ذلك أمر عسكره أن يلعبوا فيهم بالسيف، فقتلوا منهم ما لا يحصى عدده وراح الصالح بالطالح، وكان ذلك في الكتاب مسطورا.

وقد قيل في المعنى:

إن ترمك الأقدار في أزمة … أوجبها أجرامك السالفة

فادع إلى ربك في كشفها … ليس لها من دونه كاشفه

وفي يوم الأربعاء سابعه حضر إلى الأبواب الشريفة جماعة من طوائف العربان من غزالة ومحارب، ومن عربان هوارة. هـ وكان السلطان ألزم مشايخ العربان أن يأتوا وصحبتهم جماعة من فرسان العربان ممن هو أشجعهم، حتى يتوجهوا صحبة التجريدة مع العسكر، فلما حضروا نزلوا بالجيزة، واجتمع بها الجم الكثير من العربان، ثم دخلوا إلى الرميلة ونزلوا بها حتى يعرضهم السلطان بالميدان. وقد انحط أمر الترك عند العرب والفلاحين بسبب هذه الكسرات التي وقعت للعسكر، وتملك ابن عثمان البلاد الشامية، وثبت عند الناس أن دولة الجراكسة قد آلت إلى الانقراض، وأن ابن عثمان هو الذي يملك

<<  <  ج: ص:  >  >>