وكان باش العسكر العثمانية سنان باشا ومعه آخرون من أمرائه ومن العساكر العثمانية الجم الكثير، وكان جان بردي الغزالي ومن معه من الأمراء في فئة قليلة من العسكر، فوقع بين الفريقين هناك واقعة مهولة تشيب منها النواصي، وكان ذلك بالقرب من بيسان، فانكسر الأمير جان بردي الغزالي ومن معه من العساكر والأمراء، وقتل الأمير خدا بردي أحد الأمراء المقدمين، وقتل الأمير علي باي السيفي، وأزدمر الدوادار أحد الأمراء الطبلخانات، وأشيع موت جماعة من الأمراء ولكن لم أقف على صحة من قتل من الأعيان في هذه المعركة.
وأشيع أن الأمير جان بردي الغزالي قد جرح والأمير أرزمك الناشف أيضا. وقتل من المماليك السلطانية جماعة، ومن الغلمان ما لا يحصي عددهم، وقد حزت رءوسهم بالسيوف. وقيل إن هذا الخبر ورد من عند الأمير طقطباي حاجب الحجاب، وكان من حين خرج إلى السفر وهو مقيم بالصالحية، فورد عليه بعض المماليك السلطانية وأخبره بذلك، فطالع السلطان بما قد جرى من أمر هذه الحركة المهولة.
وأشيع أن عسكر ابن عثمان قد احتوى على برك الغزالي وأرزمك الناشف لما وقعت الكسرة، فلم يتركوا لهما بركا ولا خيولا ولا جمالا ولا سلاحا. وقد تقوى العثمانية ثانيا هذه الكسرة الثانية، ولم ينج من عسكر مصر في هذه المعركة إلا من طال عمره.
وقيل إن مماليك الغوري هم الذين أحسوا بالعسكر وبادروا بالهروب حتى وقعت هذه الكسرة الثانية، ولما تزايدت الأقوال في ذلك عين الأمير سنبل مقدم المماليك بأن يتوجه إلى الصالحية ليكشف الأخبار، فخرج من يوم وسافر.
وفي يوم الأحد رابعه وقعت حادثة مهولة وهي أن السلطان نزل إلى الميدان، واجتمع الأمراء والعسكر فلم يشعروا إلا وقد قامت ضجة كبيرة في الرميلة، وأشاعوا أن عسكر ابن عثمان قد وصل إلى الريدانية، فقال السلطان للعسكر:"كم قلنا لكم اخرجوا للتجريدة ما ترضون تسافرون فاخرجوا ولاقوا ابن عثمان". فلبس العسكر آلة الحرب وركبوا قاطبة، ورجت القاهرة رجا مهولا، ووزع الناس قماشهم في الأماكن المخفية.
فلما اضطربت الأحوال ركب العسكر وتوجهوا إلى الريدانية، فلم يروا هناك أحدا من العثمانية، فرجع العسكر إلى بيوتهم بعد ما ارتجت القاهرة، وعول الناس على أن يحتفوا في فسافي الموتى، ثم أسفرت هذه الواقعة عن جماعة من العربان نزلوا من الجبل وأتوا إلى الريدانية فأشاع الذي رآهم من بعد أنهم من العثمانية، فانتشرت هذه الأخبار في القاهرة من غير سبب.