للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ذي الحجة، كان مستهل الشهر يوم الخميس، طلع القضاة الذين تولوا جديدا في الشهر الماضي، وهنوا السلطان بالشهر ونزلوا إلى بيوتهم.

وفي ذلك اليوم نادى السلطان للعسكر بأن أول النفقة يوم السبت ثالث الشهر، وقد اتفق مع العسكر على أنه ينفق لكل مملوك خمسين دينارا، ويصرف ثمن اللحم المنكسر خمسة أشهر، والعليق المنكسر، فتراضوا.

وفيه أنعم السلطان بامرية عشرة على جماعة من الخاصكية نحو عشر أنفس، منهم شخص يقال له خاير بك البجمقدار، وهو من خيار مماليك الأشرف قايتباي.

وفيه أشيع أن السلطان خرج عن ألف دينار فرقها على الفقراء الذين في الزوايا وفي المزارات التي بالقرافة وغيرها من المزارات، وفرق عليهم أيضا قمحا لكل زاوية خمسة أرادب، وقال لهم ادعوا بالنصر للسلطان وهلاك العدو. وقرأ عدة ختمات في المزارات، منها عند الإمام الشافعي والإمام الليث وغير ذلك من المزارات.

وفيه استحث السلطان أولاد السلاطين وأولاد الأمراء والمباشرين والخدام فيما قرره عليهم من المال بسبب النفقة، وأشيع أنه أخذ من ابن السلطان الغوري مالا له صورة.

وقيل إن السلطان الغوري كان قد خصص ولده قبل أن يسافر إلى البلاد الشامية بمائة ألف دينار … هكذا أشيع.

وفي يوم السبت ثالثة طلع العسكر إلى القلعة ليقبضوا النفقة كما نادى، فورد على السلطان في ذلك اليوم أخبار ردية بأن العسكر الذين توجهوا إلى غزة قد انكسروا في يوم الأحد رابع عشري ذي القعدة.

ومن العجائب أن الواقعة الأولى التي انكسر فيها السلطان الغوري كانت في يوم الأحد خامس عشري رجب، فكان التفاوت بينها وبين هذه الواقعة يوما واحدا، وهذا من العجائب وهذه الكسرة الثانية كانت يوم الأحد.

وكان من ملخص أخبار هذه الكسرة، أن جان بردي الغزالي - نائب الشام - خرج إلى التجريدة قبل العسكر بمدة أيام، وصار الأمراء والعسكر يخرجون بعده متفرقين بتكاسل زائد فلما أبطأوا على الغزالي جمع بعض عربان وتقدم إلى غزة هو والأمير أرزمك الناشف أحد المقدمين الذي ولي نيابة حماة، ودولات باي نائب غزة، وأصله من مماليك السلطان الغوري، وجماعة من المماليك السلطانية، فقاطعوا على عسكر ابن عثمان من طريق الدرب السلطاني، فتلاقوا مع عسكر ابن عثمان على الشريعة بالقرب من بيسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>