الحجاب: أنا عزمت على السفر إلى البحيرة … وكان السلطان قد جعله متحدثا في كشوفية البحيرة. فقالت الأمراء: الخروج إلى قتال ابن عثمان أوجب من الخروج إلى البحيرة، وأنت ما خرجت صحبة السلطان الغوري لما سافر، ولا نهب لك برك ولا قماش. فتعلل أنه ضعيف، فحصل بينه وبين الأمراء في ذلك اليوم تشاجر عظيم بحضرة السلطان، وقصد المماليك الجلبان أن ينزلوا فينهبوا بيته ويحرقوه … وقيل إن بعض المماليك لكمه وقاسى من البهدلة ما لا خير فيه، فتقرر الحال على أنه يخرج إلى التجريدة صحبة الأمراء، ومنع السلطان المماليك من نهب بيته.
وفي ذلك اليوم نادى السلطان للعسكر بالعرض قاطبة.
وفي ذلك اليوم خرج الأمير نائب حماة الذي قرر عوضا عن جان بردي الغزالي فخرج بطلب حربي.
وفي ذلك اليوم خرج الأمير أرزمك الناشف أحد المقدمين وطلب طلبا حربيا، وكان قدامه جنائب وطبلان وعلى رأسه صنجق، وصارت الأمراء تخرج شيئا بعد شيء إلى قتال ابن عثمان.
وفي يوم الأحد ثالث عشرة جلس السلطان بالميدان وعرض العسكر الذين كانوا مسافرين إلى التجريدة، فكتبهم إلى السفر ثانيا ولم يترك منهم إلا القليل. فعرض في ذلك اليوم أربع طباق وكتب غالب من فيها من المماليك.
وفي ذلك اليوم عرض السلطان عجلة من خشب تجرها أبقار، وفيها رماة بالبندق الرصاص … وكانوا نحو ثلاثين عجلة أو فوق ذلك. وعرض جمالا وفوقها مكاحل ورماة يرمون بالبندق الرصاص من المكاحل فوق ظهور الجمال. وعرض طوارق خشب بسبب الرماة بالنشاب، فقوي قلب العسكر في ذلك اليوم على القتال، وأظهر السلطان أنه يخرج بنفسه إلى قتال ابن عثمان، واستحث بقية الأمراء على الخروج بسرعة ولم ينفق على الأمراء شيئا، وقال لهم: اخرجوا قاتلوا عن أنفسكم وأولادكم وأزواجكم فإن بيت المال لم يبق فيه لا درهم ولا دينار، وأنا واحد منكم، إن خرجتم خرجت معكم، وإن قعدتم قعدت معكم، وما عندي نفقة أنفقها عليكم.
وفي يوم الاثنين رابع عشرة جلس السلطان بالحوش وعرض من العسكر أربع طباق.
وفي ذلك اليوم أشيع أن السلطان تغير خاطره على الزيني بركات بن موسى وأعاده إلى الترسيم بعد ما كان ترشح أمره إلى إعادته في وظائفه. وكان سبب ذلك أن السلطان لما حصل لابن موسى ما حصل قرر عليه مالا فلم يورد منه إلا القليل، وادعى العجز.
فلما جاء على السلطان أمر نفقة العسكر وخروجهم بسرعة، ضيق على أصحاب