وفي يوم السبت سادسه طلع إلى السلطان شخص يقال له علي الشعباني نقيب المحتسب، وشخص آخر يقال له ابن خبيز السمسار في الغلال، فلما وقفا بين يدي السلطان تكلما معه بأن يجعل على الحسبة مالا معينا، وعلى الغلال أيضا، ولا يحصل من ذلك ضرر للمسلمين … فلم يلتفت السلطان إلى كلامهما وضرب على الشعباني بالمقارع وابن خبيز، وأشهر الشعباني في القاهرة وهو ماش مكشوف الرأس، وقد ضرب بالمقارع ونودي عليه: هذا جزاء من يتعاون في إنشاء المظالم في الدولة العادلة بعد ما بطلت، وأمر السلطان بعزل الشعباني من التحدث في أمر الحسبة، فأقام الشعباني بعد ذلك أياما يسيرة، وأشيع موته من الضرب الذي حصل له كما تقدم.
وفي يوم الاثنين ثامنه، حضر دوادار نائب غزة المسمى بعلي بك الأحدب، وأخبر بأن ابن عثمان من حين دخل الشام تلاشى أمره ووقع الوخم في عسكره، فصار يموت منهم في كل يوم جماعة، وعز عندهم وجود الأقوات من الغلال والعلف. وقد ضيقت عليه العربان ومنعوا عنه ما يجلب من الشعير والقمح والتين، وكل من خرج من عسكره إلى الضياع قتله العرب، وقد تجون بدخوله فما بقي يمكنه الخروج منها، وسارت خيول عسكره سائبة تأكل من ورق الأشجار وهي في غاية الحصر.
وفيه حضر خدا بردي نائب الإسكندرية وخرج إليها تنم الذي قرر بها، وحضر الأمير خاير بك المعماري الذي كان توجه إلى ثغر رشيد بسبب عمارة السور والأبراج التي هناك كما تقدم.
وفيه خلع السلطان على شخص من الأتراك يقال له ملباي المشرف وقرره في استادارية الصحبة عوضا عن قانصوه الأشرفي بحكم قتله في واقعة ابن عثمان.
وفي يوم الثلاثاء تاسعه كانت كائنة الزيني بركات ابن موسى مع الشيخ أبي السعود.
وسبب ذلك أن شخصا مدابغيا يبيع الجلود، يقال له الدمراوي - مكاسا على بيع الجلود - فجار عليه ابن موسى، فوقع بينه وبين ابن موسى حظ نفس، فقصد ابن موسى أن يقبض عليه فتوجه الدمراوي إلى الشيخ أبي السعود واحتمى به، فأرسل الشيخ أبو السعود رسالة إلى ابن موسى بسبب ذلك، وقد شنع فيها، فتوقف ابن موسى في أمره ولم يلتفت إلى رسالة الشيخ وطاوله في أمر الدمراوي. فأرسل الشيخ لابن موسى فأحضره، فما حضر عنده في كوم الجارح وبخه الشيخ بالكلام، وقال له:"يا كلب كم تظلم المسلمين" فحنق منه ابن موسى وقام من عنده على غير رضا، فأمر الشيخ بكشف رأس ابن موسى وضربه بالنعال. فصفعوه بالنعال على رأسه حتى كاد أن يهلك، ثم وضعه في مكان وأرسل خلف