وفي يوم الأحد ثانيه كان أول بابه من الشهور القبطية، فثبت فيه النيل المبارك على عشرين ذراعا، وكان في العام الماضي أرجح من ذلك، واستمر في ثبات إلى أول هاتور، ثم وردت الأخبار على يد ساع بأن الأمراء والعسكر دخلوا إلى الشام وهم في أنحس حال، وقد نهب بركهم وخيولهم وجمالهم وجميع ما يملكونه … وأخبر ذلك الساعي أن أهل الشام لما تحققوا موت السلطان وثب بعضهم على بعض، ونهبوا زروع الشام، وأخذوا أموالهم، وقتلوا منهم جماعة، واضطربت أحوال البلاد الشامية غاية الاضطراب.
وفيه دخل قاضي القضاة محمود بن الشحنة وقد نهب جميع بركه وكل ما يملكه، وأخبر أن ابن عثمان ملك ثلاث عشرة قلعة، وخطب باسمه فيها ومشى حكمه من الفرات إلى حلب. وأخبر أن الخليفة والقضاة الثلاثة في أسر ابن عثمان بحلب، ولولا أنه هرب مع العسكر وإلا كان أسر معهم. وأخبر أن إبراهيم السمرقندي ويونس العادلي والعجمي الشنقجي - الذين كانوا من أخصاء السلطان - لما مات الغوري التفوا على سليم شاه ابن عثمان، وصاروا من جماعته، وصاروا يتقربون إليه بذكر مساوي أستاذهم الغوري وأمرائه، ويظهرون له معائبهم وقبائحهم، ولم يذكروا شيئا من إحسان الغوري لهم لا جليلا ولا حقيرا، وكأنه لم يكن سلطانا لهم ولا أستاذا، ونسوا جميع إنعامه وإحسانه إليهم، ولا سيما ما أحسن به إلى العجمي الشنقجي من سلاريات وشقق حرير وسمور ومال وإنعامات جزيلة، فلم يثمر ذلك فيهم. فلما بلغ الأمير الدوادار ذلك رسم للوالي أن يكبس على بيت السمرقندي ويونس العادلي، فتوجه إليهم الوالي وقبض على عيال السمرقندي ويونس العادلي وحريمها وحاشيتهما، ووضع عبد السمرقندي في الحديد، وختم على حواصل السمرقندي ويونس العادلي، وظهر أنهم كانوا موالسين على السلطان، وكانوا يكاتبون سليم شاه ابن عثمان في الباطن بأحوال السلطان وأمور المملكة … وصاحب البيت أدرى بالذي فيه.
*****
وفي يوم الجمعة سابعه صلى الأمير الدوادار صلاة الجمعة، وخرج إلى ملاقاة الأمراء المقدمين الذين حضروا من الشام، وقد بلغه وصولهم إلى بلبيس، فدخل القاضي محمود بن أجا كاتب السر وهو في محفة وصحبته الشهابي أحمد بن الجيعان، ودخل الأمير أركماس أمير سلاح وهو في محفة عليل، ودخل الأمير أنص باي حاجب الحجاب وتمر الزردكاش والأمير علان الدوادار الثاني وآخرون، ثم دخل بقية العسكر وهم في أسوأ حال من