السلطان لم ترد من بعد ذلك أخبار صحيحة، وانقطعت الأخبار عن مصر نحو أربعين يوما، وكثر القال والقيل في ذلك على أنواع شتى.
ومن جملة ما أشيع أن جان بردي الغزالي نائب الشام منع أن يصل إلى مصر أحد، وعوق العسكر بالشام.
وفيه وردت أخبار من عند الأمير حسين نائب جدة، والرئيس سلمان العثماني، أنهما لما توجها إلى الهند صحبة العسكر المقدم ذكرهم، ووصلا إلى كمران، وهي ضيعة من ضياع الهند، أنشئوا هناك قلعة ذات أبراج، فكمل بناؤها في نحو خمسة أشهر. ثم أن الأمير حسين أرسل طائفة من العسكر نحو مكان يسمى اللحية، وأرسل طائفة من العسكر إلى مكان يسمى مورا، وأقام الأمير حسين هو وبقية العسكر في مكان يسمى "بيت الفتية" فأقاموا بها نحو شهر. ثم أن الأمير حسين والأمير سلمان والعسكر توجهوا إلى نحو زبيد، وحاصروا صاحبها عبد الملك أخا الشيخ عامر فملكوا منه زبيد وذلك صبيحة يوم الجمعة في العشرين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، فوجدوا بها من الأمم ما لا يحصى عددهم، ثم ذكروا في الكتاب أن الأمير حسين لما أن فتح زبيد توجه إلى حصار مدينة عدن، وأنه أشرف على أخذها، ولما ملكوا زبيد أقاموا بها شخصا من مماليك الأشرف الغوري وهو من أمراء العشراوات يسمى برسباي، ومعه بعض جماعة من المماليك وأولاد الناس الذين كانوا صحبتهم، والتف عليهم جماعة من العربان نحو عشرة آلاف إنسان. ولما ملك برسباي زبيد تسلطن بها ورتب له دوادار وخازندارا وأرباب وطائف كعادة السلاطين، وغنم منها أموالا جزيلة هو ومن معه من العسكر. ولما توجه إلى حصار عدن أيضا ملكها كما قيل.
وفي هذا الشهر عرض الأمير الدوادار العسكر الذين في القاهرة وكان ذلك العرض في بيته وكان سبب هذا العرض أنه بلغ الأمير الدوادار أن عدة مراكب وصلت إلى ثغر إسكندرية ورشيد، فخشي أن تكون من عند ابن عثمان، فبادر إلى عرض العسكر وقال لهم: كونوا على يقظة وعبوا برقكم حتى يتضح هذا الخبر، وانفصل المجلس على ذلك
فانصرف العسكر في هرج.
*****
وفي شهر رمضان، وكان مستهله يوم السبت، توجه لبيت الأمير الدوادار جماعة من نواب القضاة وهنأوه بالشهر وكانت القضاة الثلاثة والخليفة في أسر سليم شاه بن عثمان بحلب لا يمكنهم العود إلى مصر.