الكنابيش الزركش والرقاب الزركش والطبر والسروج الذهب والبلور وطبول البازات واللجم المرصعة والفصوص المثمنة والبركتسوانات الفلاوذ الملون والسيوف المسقطة بالذهب والزرديات والخوذ الفاخرة وغير ذلك من السلاح ما لم يره قط، ولا فرح به أحد من أجداده، ولا أحد من ملوك الروم، لأن الذي جمعه الغوري من الأموال من وجوه الظلم والجور، والتحف التي أخرجها من الخزائن من ذخائر الملوك السالفة من عهد ملوك الترك الجراكسة، احتى عليه جميعه السلطان سليم شاه بن عثمان من غير تعب ولا مشقة.
هذا خارج عما كان لأمراء المقدمين والأمراء الطبلخانات والعشراوات والمباشرين والعسكر قاطبة من الودائع بحلب من مالك وسلاح وقماش وبرك وغير ذلك، فاحتى ابن عثمان على ذلك جميعه.
وقيل: إنه ملك ثلاث عشرة قلعة من بلاد السلطان، واحتوى على ما فيها من مال وسلاح وغير ذلك، فكان الذي ظفر به سليم بن عثمان في هذه الواقعة من الأموال والسلاح والتحف وغير ذلك لا ينحصر ولا يضبط، وقد قسم له ذلك من القدم
واحتوى على خيول وبغال وجمال لا يحصى عددها، واحتوى على خيام وبرك ولا سيما ما كان مع السلطان وأمراء العسكر، كما يقال في المعنى:
ألا إنما الأقسام تحرم ساهرا … وآخر يأتي رزقه وهو نائم
ودخل المرة الثانية فصلى صلاة الجمعة في جامع الأطروش الذي بحلب وخطب باسمه ودعى له على المنابر في مدينة حلب وأعمالها، وزينت له مدينة حلب وأوقدت له الشموع على الدكاكين، وارتفعت له الأصوات بالدعاء وهو مار عند عوده من الجامع، وفرح الناس به فرحا شديدا، وانتمى إليه الخواجا إبراهيم السمرقندي والخواجا يونس العادلي والعجمي الشنقجي. وكان هؤلاء من أخصاء الغوري، وكانوا مع ابن عثمان في الباطن ويكاتبونه بأحوال السلطان وما يقع من أخبار المملكة. فلما فقد السلطان الغوري أظهروا عين المحبة بن عثمان وصاروا يحطون على الغوري ويذكرون أخباره الشنيعة لابن عثمان، وصاروا من جماعته ونسوا إحسان الغوري إليهم كما يقال في المعنى:
لقاء أكثر من يلقاك أوزار … فلا تبالي أصدوا عنك أو زاروا
أخلاقهم حين تبلوهن أو عار … وفعلهم منكر للمرء أو عار