للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم لديك إذا جاؤوك أوطار … إذا قضوها تنحوا عنك أو طاروا

وممن كان موالسا على السلطان في الباطن خاير بك نائب حلب، فإنه أول من كسر عسكر السلطان، وانهزم عن ميسرته، وتوجه إلى حماة. ولما ملك ابن عثمان حلب أرسل خلفه، فلما حضر إليه خلع عليه وصار من جملة أمرائه ولبس زي التراكمة - العمامة المدورة والدلامة - وقص ذقنه وسماه السلطان "خاين بك" لكونه خان سلطانه وطاع ابن عثمان. فلما جرى ذلك تسحبت مماليك خاير بك، وتوجهوا صحبة العسكر إلى مصر، ودخل هو تحت طاعة ابن عثمان.

وهذه الواقعة تقرب من واقعة ابن العلقمي وزير بغداد لما والس على الخليفة المعتصم بالله وملك هولاكو بغداد وقتل الخليفة، فصار ابن العلقمي مقربا عند هولاكو ثم انقلب عليه وقتله، وقال: "أنت ما فيك خير لأستأذك فما يكون فيك الخير لي". وربما يقع لخاير بك مثل ذلك.

ثم أن ابن عثمان دخل إلى مدينة حلب ثالث مرة بسبب أنه دخل بها الحمام وأنعم على المعلم بمبلغ له صورة … واستمر الخليفة والقضاة الثلاثة الشافعي والمالكي والحنبلي في الترسيم بحلب لا يخرجون منها إلى أن يأذن لهم ابن عثمان، وأقام بحلب جماعة كثيرة من أعيان الناس بعد الكسرة منهم: القاضي عبد الكريم بن الجيعان كاتب الخزائن الشريفة، وعبد الكريم بن فخيرة أحد كتاب المماليك، وعبد الكريم بن الأدمي مستوفي الزردخانة، والرئيس محمد بن القيسوني إمام السلطان الغوري، والسمديسي الذي كان قاضي القضاة الحنفية وإمام السلطان، والخواص مؤذن السلطان ورفيقه رصاص المؤذن، ويحيى بن بكير ورفيقه، وجماعة آخرون لم تحضرني أسماؤهم الآن … فهؤلاء تخلفوا بحلب بعد الكسرة حتى يؤذن لهم.

وقيل: لما دخل ابن عثمان إلى مدينة حلب نادى فيها بالأمان والاطمئنان والبيع والشراء، ولك من كان عنده للأمراء والعسكر شيء من خيول أو سلاح أو قماش يحضر ما عنده، وإن لم يحضر ما عنده وغمز عليه شنق من غير معاودة.

وأما من قتل في هذه المعركة من الأمراء وأعيان الناس، فالذي يحضرني من ذلك وتحققته: الأتابكي سودون العجمي، وملك الأمراء سيباي نائب الشام، والأمير قانصوه بن سلطان جركس، وقيل: لم يقتل وأسر الأمير بيبرس قريب السلطان وهو صاحب المدرسة

<<  <  ج: ص:  >  >>