للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمراء الطبلخانات والعشراوات فلم يعف منهم إلا القليل وقال لهم: "الذي له عذر يعوقه عن السفر يذكره لي". .. فأعفى منهم جماعة.

وفي يوم الخميس تاسعه أكمل السلطان عرض العسكر قاطبة ولم يعف منهم أحدا.

وفي ذلك اليوم خلع السلطان على القاضي بركات بن موسى وقرره ناظر الذخيرة الشريفة كما كان شمس الدين بن عوض ولم يعد الزيني بركات إلى الحسبة، فنزل من القلعة في موكب حافل وصحبته الأمير طومان باي الدوادار وقدامه السعاة ماشية وشق من الصليبة واستمرت الحسبة شاغرة إلى الآن لم يلها أحد.

وفي يوم الجمعة عاشره صلى السلطان صلاة الصبح ونزل إلى الميدان ثم خرج من باب الميدان الذي عند باب القرافة وتوجه من هناك إلى الروضة وعدى إلى المقياس وأقام به ذلك اليوم. وأشيع أن السلطان يريد أن يتوجه من هناك إلى الفيوم ليكشف عن أمر الجسر الذي انقلب هناك من الماء، وذلك لأنه لم يكتف بتوجه الأمير طومان باي الدوادار والأمير أرزمك الناشف إلى هناك قبل ذلك كما تقدم ذكره فصمم على ذلك وتوجه فكان صحبته من الأمراء المقدمين الأتابكي سودون العجمي والأمير أركماس أمير مجلس والأمير سودون الدواداري رأس نوبة النوب والأمير أنص باي حاجب الحجاب والأمي طومان باي الدوادار والأمير تمراز الزردكاش أحد المقدمين وبعض أمراء عشراوات، ونحو خمسين خاصكيا وبعض جماعة من المباشرين وأقام في المقياس إلى أن صلى الجمعة وعدى إلى الجيزة ونصب له وطاق عند الأهرام، فأقام ذلك اليوم هناك ثم توجه إلى الفيوم من تحت الجبل.

ومن الوقائع الغريبة أن السلطان لما غضب على علم الدين الجلبي بسبب ما تقدم، واستمر علم الدين ممنوعا من طلوع القلعة قال السلطان لمحمد المهتار: "انظر إلى جلبي يحلق رأسي". .. فعرض عليه عدة جلبية فما أعجبه منهم أحد، فقال له محمد: "بقي عندنا صبي صغير أمر ديسمى عبد الرزاق أصله من باب الوزير وهو يتيم وكان يحلق لجماعة من الخدام وهو يحلق مليحا". فقال السلطان: "أحضره حتى يحلق لي". فأحصره، فلما حلق له أعجبته حلاقته، فاستقر به جلبي السلطان عوضا عن علم الدين، فسافر هذا الصبي مع السلطان إلى الفيوم وأنعم عليه بكسوة حافلة وأخرج له إكديشا وبغلة وصار جلبي السلطان في ساعة واحدة. وإذا أعطى لا مانع، والله عند القلوب المنكسرة جابر، والعبد بسعده لا بأبيه ولا بجده … فعد ذلك من النوادر!

<<  <  ج: ص:  >  >>