للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي صفر وكان مستهله يوم الأربعاء طلع الخليفة والقضاة الأربعة للتهنئة بالشهر، فقال السلطان للخليفة لما جلس عنده: "اعمل برقك إلى السفر وكن على يقظة فأنا مسافر إلى حلب سبب ابن عثمان". وقال للقضاة الأربعة مثل ما قال للخليفة: "اعملوا يرقكم وكونوا على يقظة حتى تخرجوا صحبتي". .. فقالوا: "الأمر لمولانا".

وفي ذلك اليوم خلع السلطان على شخص من القراء يقال له: شهاب الدين بن الرومي وقرره إماما عوضا عن عبد الرزاق بحكم وفاته، وقيل: إنه سعى في ذلك بألف دينار حتى قرر بها.

وفي يوم الخميس ثانيه جلس السلطان بالميدان وعرض العسكر من كبير وصغير وكتب الجميع، فعرض في ذلك اليوم أربع طبقا ولم يعف من العسكر أحدا.

وفي ذلك اليوم كانت وفاة الأمير خاير بك ابن أينال أحد الأمراء المقدمين ويعرف بكاشف الغربية وأصله من مماليك الأمير أينال الأشقر أمير سلاح كان، وقد ساعدته الأقدار حتى صار باش العسكر ثم بقي كاشف الغربية ثم أنعم عليه السلطان بتقدمة ألف، وسافر إلى الحجاز باش العسكر في التجريدة التي خرجت بسبب الجازاني وانتصر على العربان من قبيلة بني إبراهيم فحز رؤوسهم وأرسلها إلى القاهرة، وكان مسعود الحركات.

فلما مات نزل السلطان وصلى عليه وكانت جنازته مشهودة، وكان في سعة من المال فخلف من الموجود ما لا يحصى.

وفي يوم السبت رابعه عرض السلطان مماليك الأمير خاير بك المتوفى، وأخذ منهم ما اختاره وأرسلهم إلى الطباق، ثم أرسل رسم على دوادار خاير بك وعلى مباشريه وشكهم في الحديد. وكان الأمير خاير بك قد كتب وصية وبرأ جماعته فلم يلتفت السلطان إلى وصيته.

وفي أثناء هذا الشهر كانت وفاة الشيخ نور الدين علي المحلي وكان يعرف بقريبة، وكان من أعيان علماء الشافعية وله شهرة زائدة بين الناس.

ومن الحوادث في هذا اليوم ما وقع لعلم الدين جلبي السلطان، وهو أنه كان ساكنا في الحسينية وكان السلطان رسم للوالي بأن يباشر قطع أراضي الأسواق بنفسه، فلما انتهوا في القطع إلى الحسينية جاء مماليك الوالي إلى الحسينية، وأخذوا حميرا من حمام الحبالين ليشيلوا عليها التراب الذي قطعوه، فمنعهم من ذلك جماعة علم الدين وتخاصموا مع مماليك الوالي، فجاء عبد علم الدين وقال لأستاذه على ذلك، وكان علم الدين في الحمام فقال علم الدين: "اضربوا مماليك الوالي وامنعوهم". ففتكوا بهم وضربوهم ضربا مبرحا حتى شجوا بعضهم وكسروا أيدي بعضهم، فلما سمع الوالي بذلك ركب وأتى إلى علم

<<  <  ج: ص:  >  >>