وفي يوم الأحد سابعه توفي الشرفي يحيى بن القاضي صلاح الدين بن الجيعان، وكان شابا حسن الشكل ضخم الجسد، ومات وله من العمر نحو عشرين سنة، وكانت جنازته حافلة.
وفي أثناء ذلك اليوم ركب الزيني بركات بن موسى المحتسب وشق القاهرة وقبض على جماعة من السوقة أرباب البضائع وضربهم ضربا مبرحا وأشهرهم في القاهرة، وأشهر المناداة في ذلك اليوم وسعر اللحم والدقيق والخبز والأجبان وسائر البضائع، وكل ذلك خوفا من المماليك الجلبان.
وفيه حضر إلى الأبواب الشريفة قاصد من عند سوارشاه الذي تعصب له ابن عثمان عوضا عن دولات، فأحضر صحبته تقدمة فشروية للسلطان وجودها وعدمها سواء، وهي خمسة عشر جملا بخاتي وثماني أكاديش وستة بغال من غير زيادة على ذلك، وأرسل يترفق للسلطان في مطالعته فاستشار السلطان الأمراء بأن يقبل منه تلك التقدمة أم يردها عليه، فأقامت الأمراء عند السلطان إلى قريب الظهر ولم يعلم أحد ما وقع عليه الاتفاق في ذلك اليوم.
وفيه خرج الأمير طومان باي الدوادار وصحبته الأمير أرزمك الناشف أحد الأمراء المقدمين فتوجها إلى جهة الفيوم ليكشفا عن الجسر الذي هناك. وقد قيل أنه لما كان النيل عاليا في هذه السنة انقلب. وكان السلطان قبل وقوع فتنة المماليك المتقدم ذكرها قصد أن يسافر إلى الفيوم بنفسه ويكشف عن أمر هذا الجسر. فما تم له ذلك فرسم إلى الأمير الدوادار بأن يتوجه إلى هناك ويكشف عن أمر هذا الجسر.
وفيه نادى السلطان للعسكر بأن يطلعوا إلى القلعة بسبب اللحوم المنكسرة فطلع الجم الغفير من العسكر الذين معهم وصول باللحم المنكسر، وقد تجمد للعسكر من اللحوم المكسورة في ديوان الوزارة فوق أربعين ألف دينار، فثقل أمر هذا على السلطان.
وفيه نادى السلطان بأن الوزير يوسف البدري يظهر وعليه أمان الله تعالى، وكان مختفيا من حين توعدته المماليك الجلبان بالقتل. فظهر في يوم الثلاثاء تاسعه، فلما قابل السلطان خلع عليه كاملية بسمور ونزل إلى داره.
وفي يوم السبت ثالث عشره رسم السلطان بتوسيط خمسة أنفار من المنسر الذي شاع أمره في القاهرة وقد قبض عليهم شيخ العرب بن أبي الشوارب، فرسم السلطان بتوسيطهم في ذلك اليوم وكان فيهم شخص يسمى أبو عزرائيل، وهو كبيرهم فوسطهم أجمعين.