للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخورية وسقاة وغير ذلك من الوظائف، وقد تكامل في هذه السنة من الأمراء الطبلخانات والعشراوات فوق الثلثمائة أمير وقد كثر العسكر وقلت الرزق.

ولما كان مستهل الشهر يوم الاثنين جلس السلطان في الميدان وطلع إليه الخليفة والقضاة الأربعة فهنوا السلطان بالعام الجديد ورجعوا إلى دورهم.

ثم في ذلك اليوم نزل الزيني بركات بن موسى المحتسب وصحبته الأمير كرتباي وإلى القاهرة وأشهروا المناداة في القاهرة بالأمان والاطمئنان والبيع والشراء وأن لا أحد من الناس يكثر الكلام وأن كل شيء على حكمه يعني في أمر المشاهرة والمجامعة التي قررت على الحسبة، وأن لا أحد من الناس يخرج من بعد العشاء بسلاح ولا يتزيا بزي ولا يغطي وجهه في الأسواق، ومن فعل ذلك شنق من غير معاودة، وأن لا أحد من الناس يحتمي على المحتسب. وقد تقدم القول بأن المماليك الجلبان أثاروا فتنة كبيرة حتى حنق منهم السلطان، وتوجه إلى المقياس وأقام به ثلاثة أيام، فمشت الأمراء بينه وبين مماليكه بالصلح على أن يعزل الوزير يوسف البدري من الوزارة والأمير كرتباي من الولاية والزيني بركات بن موسى من الحسبة ويبطل المشاهرة والمجامعة التي قررت على السوقة أرباب البضائع، وقد تقدم القول بما كان سبب ذلك.

فلما أن طلع السلطان إلى القلعة وبات بها أصبح فأمر بأن ينادي في القاهرة بما تقدم ذكره، ولم يفعل شيئا مما وقع عليه الاتفاق مع المماليك الجلبان، فشقت عليهم هذه المناداة وأشيع بإثارة هذه الفتنة ثانيا وكثر القال والقيل بين الناس، وكانت الناس استبشرت بإبطال المشاهرة والمجامعة فلما نودي بأن كل شيء على حكمه نزل على الناس جمرة بسبب ذلك.

وفي يوم الثلاثاء ثاني الشهر جلس السلطان في الحوض وعرض أغاوات الطباق، فلما وقفوا بين يديه وبخهم بالكلام وقال: "لا تسمعوا للماليك القرانصة كلاما لأنهم يرمون بيني وبينكم، ولا تشمتوا العدو فينا، وابن عثمان متحرك علينا، ولا بد من خروج تجريدة له عن قريب، فحصلوا معكم ذهبا ينفعكم إذا سافرتم، والذي هو منكم متزوج يطلق زوجته حتى لا يبقى وراءكم التفاتة إذا سافرتم في التجريدة". فلما سمعوا ذلك شق عليهم وقصدوا أن يثيروا فتنة في ذلك اليوم وتزايد الاضطراب ولهج الناس بوقوع فتنة عظيمة. وقد توعد المماليك بركات بن موسى المحتسب بالقتل لأنه لما نزل في ذلك اليوم ونادى بأن كل شيء على حكمه، وتخلقت جماعته بالزعفران في عمائمهم، وشق في القاهرة، تنكد المماليك الجلبان لذلك، وقالوا: "لم يطلع بأيدينا من الاتفاق شيء، وخلق جماعته بالزعفران جكارة فينا

والله ما نرجع حتى نقتله! ". وقد تقدم القول بأن المماليك قالوا للسلطان: "سلم لنا ابن موسى المحتسب نقتله". .. بسبب غلو البضائع من كل شيء في الأسواق.

<<  <  ج: ص:  >  >>