ثم إن السلطان صلى العصر يوم الأربعاء وطلع إلى القلعة وكانت ليلة جامكية، فلما ركب من هناك خلع على القاضي كاتب السر كاملية حافلة من ملابيسه مخمل أحمر بسور فاخر، وتشكر منه لما تكلفه له من الأسمطة الحافلة وغير ذلك من المأكل والمشرب والتقادم الحافلة.
وفي ويم الخميس سادس عشرينة أنفق السلطان الجامكية، وهي آخر الجوامك، ثم نادى للعسكر الجامكية، وهي أخر الجوامك، ثم نادى للعسكر بأن يعملوا يرقهم وأن يكونوا على يقظة فإن التجريدة إلى حلب عمالة، فلما تحقق المماليك ذلك نزلوا من القلعة وأطلقوا في الناس النار، وأخذوا بغال القضاة والعلماء والتجار وهجموا عليهم الحارات والبيوت، وأنزلوا الفقهاء من على بغالهم في وسط الأسواق وأخذوها من تحتهم، وأخذوا بغلة الشيخ برهان الدين بن الكركي وهو في الحضور في المدرسة الأشرفية فبرطل عليها بمبلغ له صورة حتى خلصها، ثم صارت المماليك تسافر إلى نحو بلبيس والصالحية ويأخذون بغال المسافرين وأكاديشهم، حتى ضج منهم جميع الناس وتزايد منهم الضرر الشامل في حق الناس جدا، وصاروا يبهدلون القضاة والعلماء بالضرب وينزلونهم من على بغالهم، وفعلوا من هذا النمط أشياء كثيرة.
*****
وفي رمضان كان مستهل الشهر يوم الثلاثاء، فجلس السلطان في الميدان، وطلع الخليفة والقضاة الأربعة وهنوا السلطان بالشهر، ثم طلع الوزير يوسف البدري والزيني بركات بن موسى المحتسب، وطلعوا بالخبز والسكر والدقيق وهو على رؤوس الحمالين مزفوف، وطلعوا بأغنام وأبقار كما جرت به العادة فخلع السلطان على الوزير وناظر الدولة شرف الدين الصغير والمحتسب … وكان يوما مشهودا.
وفي يوم الأربعاء ثاني شهر رمضان قوى عزم السلطان بأن يسافر إلى ثغر الإسكندرية ورشيد بسبب تفقد أحوال الأبراج التي هناك، وأشيع أنه شرع في بناء سور برشيد على شواطئ البحر الملح فأرسل عدة بنائين وحجارين بسبب ذلك، وقد بلغه عن ابن عثمان أنه يقصد يطرق ثغر الإسكندرية ودمياط على حين غفلة، فلما صلى السلطان الصبح يوم الأربعاء نزل من القلعة وتوجه إلى بولاق وعدى إلى بر إنبابة ونصب له خيمة هناك حتى يتكامل خروج العسكر، فكان صحبته من الأمراء المقدمين الأتابكي سودون العجمي والأمير أركماس أمير مجلس والأمير سودون الدواداري رأس نوبة النوب والأمير أنص باي حاجب الحجاب والأمير تاني بيك الحازندار أحد الأمراء المقدمين، وجماعة من الأمراء الطبلخانات