للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعشراوات منهم الأمير خاير بيك المعمار، وكان صحبته من المباشرين الشهابي أحمد بن الجيعان نائب كاتب السر والقاضي أبو البقا ناظر الإسطبل، وآخرون من المباشرين من أرباب الوظائف، وعين معه نحو خمسين خاصكيا من أرباب الوظائف وألزمهم بأن يصحبوا معهم كل واحد فرسا وبغلا جنيبا. فقاسوا في المراكب بسبب الخيول ما لا خير فيه، وكان النيل في عشرين ذراعا والطرق مقطوعة من كثرة الماء، فحصل للأمراء والعسكر مشقة زائدة ولا سيما في رمضان والصيام عمال كل يوم، فأقام السلطان في بر إنبابة إلى يوم الخميس ثالث الشهر فنزل في مركب ورحل من إنبابة هو والأمراء في عدة مراكب كثيرة، وكانت هذه السفرة على حين غفلة.

وفي ليلة الجمعة رابع الشهر سقط سقف زاوية الشيخ أبي العباس البصير رحمة الله عليه، وهي التي عند باب الخرق المطلة على الخليج، فقتل تحت الردم رجل وصبي صغير وهرب من كان بها من المصلين وقت العشاء فسلموا، ولم يقتل غير اثنين كما تقدم.

ومن الحوادث في غيبة السلطان أن المماليك الجلبان ربطوا كلاب حديد في حبل، وشلقوه فتعلق في شباك الطبقة التي على باب الزردخاناه، وتسلقوا عليه وهم من داخل الحوش السلطاني، فلما وصلوا إلى الشباك وجدوا بالقرب منهم أربع طقزيات بأسقاط فضة فسحبوها وأخذوها.

فلما طلع النهار حضر الأمير مغلباي الشريفي الزردكاش الكبير، فأعلموه بذلك ورأى الحبل معلقا في الشباك فكتب بذلك محضرا، ولم يفد من ذلك شيء وراحت على من راح.

وفي يوم الأحد ثالث عشرة أشيع بين الناس أن الوالي عاقب جاني بيك دوادار طرباي على بقية المال الذي تأخر عليه، فطالبوه بأن يورد مما عليه شيئا على الحامكية فقال: ما بقي معي شيء من المال غير روحي خذوها، فضربوه كسارات على ركبه، وقيل عصروه في أصداغه، وهو يقول ما بقي معي شيء من المال، فاستمر يعاقبه الوالي حتى أشرف على الموت، وأشيع بين الناس موته، ولكن ما صح ذلك، وهذا انتقام من الله تعالى فإن جاني بيك هذا كان من وسائط السوء مستحقا لكل الأذى.

وفي يوم الثلاثاء خامس عشر هذا الشهر حضر السلطان من ثغر الإسكندرية، وهذه هي السفرة الثانية فكانت مدة غيبته في هذه السفرة ثلاثة عشر يوما لا غير، بخلاف السفرة الأولى، وكان سبب توجهه إلى ثغر الإسكندرية في هذه المرة أنه لما بلغه عن سليم شاه ابن عثمان بأنه قد جهز نحو أربعمائة مركب وهو قاصد إلى ثغر الإسكندرية ودمياط الشهير، فتوجه السلطان إلى هناك لتفقد أحوال الأبراج التي هناك وترميم بنائها، وتوجه

<<  <  ج: ص:  >  >>