للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الخميس ثالث عشرة خلع السلطان على الوزير يوسف البدري بأن يستمر في الوزارة على عادته، وكان له مدة وهو في الترسيم بسبب عمل الحساب. وآخر الأمر كتب عليه السلطان مسطورا بخمسة وستين ألف دينار والتزم بأمر السداد هو والقاضي شرف الدين الصغير ناظر الدولة، فخلع السلطان عليهما ونزلا في موكب حافل.

وفي يوم السبت خامس عشرة نزل السلطان من القعلة وعدى إلى الروضة ونصب له خيمة عند خرطوم الروضة وصواوين، وأقام هناك يومين وليلة، وأحضر عنده مغاني وأرباب الآلات، ومد له هناك الزيني بركات بن موسى المحتسب أسمطة حافلة وطواري فاخرة وفواكه وحلوى وغير ذلك مما يهدي الملوك، فانشرح السلطان هناك إلى الغاية وصنع دكة خشب في وسط الماء وكان النيل في قوة الزيادة، وجلس عليها وحوله الخاصكية وهم خائضون في الماء حتى ابتلت ملاليطهم بالماء والطين، وقد فتك في القصف والرجة حتى خرج في ذلك عن الحد، وكان السلطان حصل له قبل ذلك غاية النكد بسبب توسيط الطواشي سنبل وفتنة المماليك في طلب النفقة، فما صدق بإخماد تلك الفتنة عنه فنزل هناك وانشرح في ذلك اليوم، واستمر مقيما هناك إلى يوم الأحد آخر النهار، وكانت ليلة تفرقة الجامكية، فطلع من هناك إلى القلعة وشق من الصليبة ولم يكن قدامه أحد من الأمراء سوى جماعة من خاصكيته فقط.

وفي يوم الخميس عشرينة خرج الأمير طومان باي الدوادار الكبير وصحبته الأمير خاير بيك أحد المقدمين الذي كان كاشف الغربية وبعض أمراء عشراوات وخاصكية، فخرج في ذلك اليوم وتوجه إلى جبل نابلس بسبب فساد العربان الذين هناك، فإنه حصل بينهم وبين نائب غزة فتنة كبيرة وقتل فيها جماعة، واضطربت أحوال الدرب السلطاني من غزة إلى مصر، وخرج الأمير الدوادار بغير طلب، وكان ذلك اليوم يوم نوروز وأول السنة القبطية فلم تتفاءل الناس بخروج الدوادار في ذلك اليوم وقالوا: يستمر سنته كلها في هجاج وسفر.

وفي يوم السبت ثاني عشرينة توفي شخص من الأمراء الطبلخانات يقال له جاني بيك قرا بن حيدر وكان أصله من مماليك الأشرف قايتباي وكان لا بأس به.

وفي يوم الاثنين رابع عشرينة رحل الأمير الدوادار من الريدانية وتوجه إلى الخانكة، ومما عد من محاسن الأمير طومان باي الدوادار أن شخصا من الفقراء كان على باب جامع شيخو يتمنى مائة دينار ذهبا وجملا وعبدا حتى يتوجه إلى الحجاز، فأقام على ذلك مدة طويلة، وكان يبتلش بالأمراء كلما طلعوا إلى القلعة ونزلوا فأصورهم وأبادهم شرا وحرمهم أن يشقوا من الصليبة. ففي بعض الأيام أرسل إليه الأمير طومان باي الدوادار

<<  <  ج: ص:  >  >>