للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الاثنين خامس عشرينة حضر قاصد ملك الروح سليم شاه، فلما حضر طلع إلى القلعة، فجلس السلطان في الحوش على المصطبة، فلما مثل بين يديه أحضر صحبته رأس علي دولات ورأس ولده ورأس وزيره وهي في علبة، فلما أحضروا تلك الرؤوس بين يدي السلطان شق عليه ذلك وقال: أيش أرسللي هذه الرؤوس؟ هي رءوس ملوك الفرنج انتصر عليهم حتى أرسلهم لي؟ ثم رسم للوالي بأن يأخذ تلك الرؤوس ويدفنها على شاه سوار عند الكوم الذي بالقرب من زاوية الشيخه كهنبوش، فانفض الموكب في ذلك اليوم والسلطان والأمراء في غاية الاضطراب، وكثر القال والقيل في ذلك أن قلعة زمنطو وبلاد علي دولات جميعها ملكها ابن عثمان واستناب فيها ابن سوار، وقد خرجت بلاد علي دولات من يدي السلطان ولم تنتطح في ذاك شاتان، وابن عثمان يقصد في الباطن إثارة فتنة كبيرة بينه وبين السلطان وأظهر التهحرش بالسلطان وفتح باب الشر، فتنكد السلطان في ذلك اليوم إلى الغاية.

وفي يوم الثلاثاء سادس عشرينة لم يخرج السلطان من الدهيشة ولم ينزل إلى الميدان، وأشيع أنه قد شرب دواء وأنه متوعك في جسده، وكان حصل له في يوم الاثنين انزعاج لما حضر قاصد ابن عثمان برأس على دولات، وحصل في ذلك اليوم بين السلطان والأمراء كلام يابس وخاشنوه في الكلام وقال له: يا مولانا السلطان غالب البلاد الحلبية خرجت من أيدينا وصارت بيد ابن عثمان وخطب له فيها باسمه وضربت له السكة باسمه وشرع في بناء برج عند عقبة بغراص وآخر على باب الملك والسلطان يده في الماء البارد وفسدت أحوال المملكة وغالب الرعية بحلب وغيرها من ظلم النواب وجورهم بيميلوا إلى ابن عثمان لأجل عدله في الرعية، وهذه الأحوال غير صالحة … فشق عليه كلام الأمراء وكظم لذلك ولم ينزل الميدان في ذلك اليوم ولا حكم بين الناس.

ومن الحوادث قد أشيع بين الناس أن سنبل الطواشي لالا سيدي ابن السلطان وقع بينه وبين جماعة من المماليك الجلبان بسبب مملوك كان ساقيا عند ابن السلطان، فضربه سنبل ضربا مبرحا بسبب فشروي فأقام أياما ومات، فتعصب له جماعة من المماليك الجلبان وأوعدوا سنبل بالقتل في ذلك اليوم، وكثر القيل والقال في ذلك وأشيع إقامة فتنة كبيرة بين المماليك والسلطان لأجل سنبل بسبب ذلك.

وفي يوم الخميس ثامن عشرين هذا الشهر خلع السلطان على الأمير طراباي بن يشبك الذي كان نائب صفد وعزل عنها فاستقر به حاجب الحجاب بدمشق، وهذه درجة من حيدر لأسفل، وقيل: إنه سعى في ذلك بمبلغ له صورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>