جارية صغيرة، فقبض عليهم بعض مشايخ اطفيح وأرسلهم إلى السلطان، فقررهم فاعترفوا بقتله وأنهم ألقوه في المستراح، فرسم السلطان للوالي بأن يفحص عن أمره، فتوجه وكشف المستراح فوجده فيه وقد تقدد جلده فأخرجه من المستراح، فلما عرضه على السلطان رسم بدفنه وأخرج اقطاعه لبعض المماليك، ثم رسم بشنق هؤلاء الذين فعلوا ذلك، فلما توجهوا بهم إلى الشنق ارتجت لهم القاهرة في ذلك اليوم، ثم توجهوا بهم إلى المكان الذي قتلوا فيه أستاذهم، وهو مكان بالقرب من باب سعادة، فشنقوا هناك الأربع أنفس ومضى أمرهم.
وفي يوم الخميس رابع عشرة خلع السلطان على الأمير يوسف الذي كان نائب القدس وقرره في نيابة صفد عوضا عن طراباي الذي كان بها، وكان عادة نيابة صفد ما يليها إلا مقدم ألف، وآخر من وليها من الأمراء المقدمين الأمير أزدمر المسرطن وأقام بها إلى أن مات. فلما وليها الأمير يوسف عز ذلك على الأمراءة كونه سيفيا، وكان يعرف بيوسف بن سيباي، ولكن سعى في نيابة صفد بمال له صورة حتى وليها، وما زال الدهر كثير الغلطات.
وفي ذلك اليوم خلع السلطان على شخص من مماليكه يقال له قانصوه الساقي، وقرره في وظيفة الأمير نانق الخازن على الحواصل السلطانية.
وفي ذلك اليوم خلع السلطان على الأمير قانصوه حبانية، ورسم له بأن يتوجه إلى طرابلس في بعض المهمات الشريفة.
وفي يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الآخرة كان وفاء النبل المبارك، وقد أوفي يوم الأحد خامس مسري، وفتح السد في يوم الاثنين سادس مسري، وكان نيلا مباركا قوي العزم، فلما أوفى رسم السلطان للأتابكي سودون العجمي بأن يتوجه ويفتح السد، فتوجه إلى المقياس وخلق العمود ونزل في الحراقة وفتح السد على العادة، وكان ذلك اليوم مشهودا، ووقع فيه محاسن كثيرة على العادة، فلما فتح السد ومضى طلع إلى القلعة فخلع عليه السلطان خلعة سنية ونزل إلى داره، وللناس مدة طويلة لم يروا النيل أوفى في خامس مسري، وقد قيل في المعنى:
رعى الله مصركم بها من مسرة … ومنزل أنس لاح بالطالع السعد
رويت الوفا عن سدها يوم كسره … فها أنا مهما عشت أروى عن السد