للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعيد النفقة ولا يسافر، وكان مجموع هذا العسكر الذي كتب للهند نحو خمسمائة إنسان، غير التراكمة البحارة من جماعة الرئيس سلمان.

وفي يوم الأربعاء سادسة عزل السلطان قاضي القضاة الشافعي علاء الدين الأخميمي، فكانت مدته في هذه الولاية سنة وسبعة أشهر إلا يومين، وكان ماشيا في منصب القضاة على الأوضاع كما ينبغي، ومباشرا هذه الوظيفة بعفة زائدة وحسن تصرف، وجاء في منصب القضاة كفؤا لذلك، وعزل من هذه الوظيفة والناس عنه راضية وحاز الثناء الجميل من الدين والخير ومنع الرشوة، وكان في مدة ولايته لا يتعاطى شيئا من معلوم الأنظار بل كان ينعم بذلك على طلبة العلم والفقهاء وغير ذلك.

فلما عزل خلع السلطان في يوم الأربعاء المذكور على قاضي القضاة محيي الدين عبد القادر بن النقيب وولاه القضاء، وهذه سادس ولاية وقعت له بالديار المصرية، منها خمس ولايات في دولة الأشرف الغوري والولاية الأولى في دولة الأشرف جان بلاط، فلما لبس التشريف بالمقعد الذي بالحوش نزل من القلعة في موكب حافل وقدامه القضاة الثلاثة وسائر نواب الشافعية وناظر الجيش وناظر الخاص وغير ذلك من الأعيان، فتوجه إلى المدرسة الصالحية على جاري العادة، ولكن سعى في هذه الولاية بثلاثة آلاف دينار غير خدمة للأمير الدوادار الكبير والدوادار الثاني والقاضي كاتب السر. فقيل نفد منه في هذه الست ولايات فوق الثلاثين ألف دينار، وولى هذه الولاية في يوم الأربعاء وهو يوم نحس مستمر، فتفاءل له الناس بعدم إقامته في هذه الولاية لكونه ولي في يوم الأربعاء، فذهب منه هذا المال العظيم، وياليته لو شبع من ماله بنصف رطل سكر أو طير دجاج بر به نفسه، وأخباره في الشح والبخل الزائد مشهورة بني الناس فما يحتاج لشرح ذلك، فكان كما يقال في المعنى:

ويحبس روثه في البطن شهرا … مخافة أن يجوع إذا خريه

ويبكى بالدموع لهضم أكل … كما يبكي اليتيم على أبيه

وفي يوم السبت تاسعة رسم السلطان بشنق أربعة أنفار منهم جارية بيضاء رومية وجارية حبشية وصبي ابن ناس لفاف وشخص قواس. وسبب ذلك أن ابن الناس هذا والقواس أفسدا هاتين الجاريتين وحسنا لهما بأن تقتلا أستاذهما، وكان أستاذهما شخصا من أولاد الناس مقطع، فقتلوه ثم ألقوه في المستراح وأخذوا كل ما في بيته وسافروا إلى نحو اطفيح، ومضى على هذا الأمر نحو خمسة أشهر ثم فشا من بعد ذلك أمرهم ونمت عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>