وفي ربيع الأول طلع الخليفة والقضاة الأربعة وهنوا السلطان بالشهر، ثم عادوا إلى بيوتهم.
وفي يوم الأربعاء ثالثة ورد على السلطان أخبار غير صالحة بأن سليم شاه ابن عثمان قد جهز عساكر عظيمة ورمى عدة مراكب في البحر، وأنه زاحف على علي دولات بنفسه، فتنكد السلطان لهذا الخبر ورسم لنقيب الجيش بأن يدور على الأمراء المقدمين ويقول لهم: اطلعوا إلى عند السلطان حتى يقرأ عليكم الكتب التي وردت عليه عن أخبار ابن عثمان، فطلعوا إلى عند السلطان في ذلك اليوم، فلما اجتمعوا قرأ عليهم ما ورد عليه من المطالعات عن أحبار ابن عثمان، فأقام الأمراء عنده إلى بعد العصر وهم في ضرب مشورة بسبب علي دولات وابن عثمان، ثم بعد أيام خمدت تلك الإشاعات واستمر الأمر مبنيا على السكون.
وفي يوم الأربعاء عاشرة نزل السلطان إلى الميدان وساقوا قدامه الرماحة وهم لابسون الأحمر والخوذ كما يفعلون عند دوران المحمل في رجب، واجتمع في الميدان الجم الغفير من الناس بسبب الفرجة، وكان الشريف بركات حاضرا مع الأمراء، وكان يوما مشهودا.
وفي ذلك اليوم توفي الأمير أسنباي الأصم أحد الأمراء الطبلخانات، وكان من أعيان مماليك الأشرف قايتباي، وكان علامة في لعب الرمح وقد فاتته التقدمة من قبل ذلك، وكان لا بأس به، وقد مات فجأة على حين غفلة.
وفي يوم الخميس حادي عشرة عمل السلطان المولد الشريف النبوي ونصب الخيمة الكبيرة المدورة بالحوش، قيل: إن مصروف تلك الخيمة على الأشرف قايتباي ستة وثلاثون ألف دينار، فحضر القضاة الأربعة والشريف بركات أمير مكة، قيل أجلسه السلطان فوق الأتابكي سودون العجمي، واجتمع سائر الأمراء المقدمين وأرباب الوطائف ومشايخ العلم، وكان يوما مشهودا على العادة.
وفي يوم السبت ثالث عشرة أشيع أن إقطاع أسنباي الأصم أنعم به السلطان على الأمير قايتباي الذي كان نائب الكرك، فصار من جملة الأمراء الطبلخانات.
وفيه حضر الأمير ألماس دوادار سكين الذي كان توجه إلى طرابلس بسبب ضبط موجود جانم نائب طرابلس الذي توفي، وقرر عوضة تمراز مملوك السلطان الذي كان نائب قلعة حلب، وقرر في نيابة قلعة حلب قانصوه الساقي عوضا من تمراز الأشرفي بحكم انتقاله إلى نيابة طرابلس، وتوجه ألماس أيضا بسبب تقليد تمراز المذكور لما ولي نيابة طرابلس، وبسبب جبي الأموال التي قررت على عربان جبل نابلس، وغير ذلك من البلاد بسبب المشاة، فأهلك الحرث والنسل.