للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد أدركت الملك المؤيد أحمد ابن الأشرف أينال لما أن حج - وكان إذا ذاك أتابك العساكر - فلما حضر من الحجاز وطلع إلى القلعة ما وقع له مثل ما وقع لابن الأشرف الغوري هذا من المواكب الحافلة بالحوش … فلما وصل إلى المصطبة التي جالس عليها السلطان تقدم الشريف بركات إلى عند السلطان فقام له نصف قومة، وباس أمراء الحج له الأرض، ثم تقدم ابن السلطان وباس الأرض لأبيه، فأحضر لهم الخلع على الشريف بركات مثمر وأطلسين، وخلع على ابن الشريف بركات وصهره كوامل مخمل أحمر بسمور، وخلع على أميري الحج لكل واحد منهما مثمر وأطلسين لكون أن سيدي عمر ابن السلطان ثم أحضروا لابن السلطان فوقاني حرير أخضر بطرز يلبغاوي عريض فوق الكاملية المخمل التي بالسمور، ثم نزل الشريف بركات وولده وصهره من القلعة، ودخل ابن السلطان إلى دور الحرام، وانفض ذلك الموكب على خير.

فلما نزل الشريف بركات وأمراء الحاج من القلعة نزل صحبتهم الأتابكي سودون العجمي وجماعة من الأمراء المقدمين، فشقوا من القاهرة وكان لهم يوم مشهود. فأوصلوا الشريف بركات إلى المكان الذي أنزله فيه السلطان، قيل: أنزله السلطان في بيت الأمير جانم مصبغة الذي بالقرب من مدرسة السلطان، فأوصل الأمراء الشريف بركات إلى ذلك المكان ورجعوا إلى بيوتهم، وكذلك أمراء الحاج، وأما القاضي كاتب السر محمود بن أجا فإنه لما رجع من الحجاز كان متوعكا في جسده فلم يطلع إلى القلعة ولا فابل السلطان، وقد هنيته عند عودة من الحجاز بهذين البيتين وهما:

عن كاتب السر شاع فضل … يستوجب الشكر والمحامد

قد عم من بره البرايا … وحج في الناس وهو قاعد

فكان لهذين البيتين موقع لما عرضا عليه وقرأهما، فلما رجع الحجاج إلى القاهرة أثنوا بكل خير على سيدي عمر بن المالك المنصور أمير ركب الأول وشالوا له الرايات البيض في وسط الرملة، بخلاف الأمير طقطباي أمير ركب المحمل.

وأما خوند زوجة السلطان وولده فلم يثن عليهما أحد بخير ولا ظهر لخوند في المناهل مكارم أخلاق كما كانت تفعل خوند الخاصكية زوجة الأشرف قايتباي لما حجت، فلم ير لهم أحد من الحجاج رأس سكر ولا مجمع حلوى، وكل من كان معهم رد يشكو من الجوع، فكان كما يقال في المعنى:

<<  <  ج: ص:  >  >>